د. روي حرب
اذهب الى البحر، فهناك يرقص الهواء على نغمات الموج، وتتعرّى الطبيعة، وتصفو الأذهان وتصغي نفسك إلى حقائق مدفونة في قلبك…
هناك الحياة المجرّدة من كلّ زيف وتزلّف…
هناك مرآة كلّ نفس…
اذهب الى البحر، وأخبره بمكنوناتك، وادفن فيه أسرارك…
عندما تراقب الأفق في مساء صيفيّ النسائم، تراودك أفكار غريبة…
ترى الموجة تنعش الصخر وكأنها تبثّ في قلبه المتحجّر حياة، تعانقه وتقبّله، ترفض أن تنصاع لموته.
تسمع أسرار آلاف السنين يتناقلها البحر بصمته المريب؛ هنا وقف العشّاق، وهنا تودّع الأحباب، هنا غرقت السفن، وهنا بُنِيَت الأحلام. هنا كان الجدّ مراهقًا، وهنا يصبح الطفل كهلًا.
هنا، على ضفّة البحر، تتساءل إن كان ذاك الضوء البعيد منزلًا فيه الحياة والأخبار والأسرار، وإن كان روّاده يقدّرون النعمة التي يعيشون فيها، أم أنّهم اعتادوا رتابة المنظر، فما عادوا يسبّحون الربّ في روعة مخلوقاته وطبيعته.
والأهم أنّك تسمع هناك صوت ذاك الطفل في داخلك محاولًا بكلّ ما أُوتي من قوّة أن يزيح عن قلبك صخرته، ويخبرك أن سواد الأفق مهما اشتدّ، سيسطع يومًا نورٌ سرمديٌّ يبثّ سلامًا أبديًّا.