أسرة تحرير «قلم غار»
أثارت حرائق لوس أنجلوس الأخيرة تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، ولا سيّما بعد انتشار فيديو توزيع جوائز الأوسكار في حفل «غولدن غلوبز» والتصويت لله بصفر. انقسمت الآراء بين مَن اعتبر هذه الحرائق عقابًا إلهيًّا، ومن رأى أن لا علاقة للربّ بها لأنّه إله رحوم.
دعا بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى التعاطف مع المتضرّرين من الحرائق والتأمّل في قدرة الله ورحمته، مؤكدين أنّ كوارث طبيعيّة مماثلة هي تذكير بضعف الإنسان ومحدوديّته أمام قوى الطبيعة وضرورة العودة إلى القيم الروحيّة والأخلاقيّة.
في المقابل، اعتبر آخرون أنّ حرائق لوس أنجلوس تجسيد للانتقام الإلهي، مستشهدين بآيات دينيّة من العهد القديم تتناول العقاب الذي يلحقه الله بالكافرين والظالمين. تداولوا مقاطع فيديو وصورًا للحرائق مع تعليقات «الله المنتقم الجبّار»، و«الله يمهل ولا يهمل»، وسواها.
كهنة مؤثرون يبدون رأيهم
الأب الكاثوليكي بيتر حنا نشر مقطع فيديو بعنوان «إلهكن مش الله»، مؤكدًا أنّ الله إله مُحبّ ورحوم، ولا يعاقب البشر بالقتل والحرائق. وانتقد التفسيرات التي تعتبر الكوارث الطبيعيّة عقابًا إلهيًّا. ودعا إلى فهمٍ أعمق لله، إله المحبّة والرحمة، والابتعاد عن التحليلات السطحيّة للأحداث.
الأب الأرثوذكسي كوارتوس الأبيض علّق على الجدل المشتعل، كاتبًا بالعامّية عبر الفيسبوك: «يا ريت ما بقى حدا ينسب لربّنا أيّ أفعال “إنتقاميّة” أو “عدوانيّة” أو “إجراميّة”… يللّي عندو خبرة مع ربّنا بيعرف إنّو شفوق ورحوم ومحبّ للبشر… مش كلّ واحد بيعتبر حالو “مؤمن” بدّو يكفّر الكرة الأرضيّة ويعتبرها بعيدة عن الله وهوّي وحدو القريب. يللّي بدّو يعرف موقف ربّنا، يروح يقرأ الكتاب المقدّس وخاصة ما بعد الطوفان والوعد الإلهي. إيد الشرّ بدّا تشوّه صورة ربّنا بعقول الشويّة الباقيين على إيمانن، وتجرّب تقنع النّاس إنّو الله بيحرق وبغرِّق وبيقتل وبمرِّض… في حين إنّو كلّ فعل من هيدول في وراه كتير بشر منتفعين، وبالملايين والمليارات جيوبن معبّيين».
في المقابل، اعتبر الأب إيلي خنيصر، المعروف بتخصّصه في الأحوال الجوّية وعلم المناخ، في أحد فيديوهاته أنّ الله ينتقم من أولئك الذين تحدّوه أو خالفوا أوامره، بخاصة في سياق التصويت للربّ بصفر في خلال توزيع جوائز الأوسكار في حفل «غولدن غلوبز».
الكنيسة قريبة من المتضرّرين
إلى ذلك، أعرب البابا فرنسيس اليوم عن قربه من سكان لوس أنجلوس، وعن حزنه العميق تجاه ضحايا حرائق الغابات في كاليفورنيا، وقدّم تعازيه الحارّة للمتألمين بسبب خسارتهم. كما أكد الأب الأقدس، في برقيّة موجّهة أمس إلى رئيس أساقفة لوس أنجلوس خوسيه جوميز، تضامنه الروحي مع المجتمع المتألم، وصلّى من أجل الضحايا والمنقذين، مانحًا بركته للجميع.
تجدر الإشارة إلى أنّ لوس أنجلوس تشهد حرائقَ هائلة منذ الثلاثاء الماضي، أسفرت عن مقتل 16 شخصًا وتدمير حوالى 12.000 مبنى. وقدّرت شركة «أكيو ويذر» الخسائر الاقتصاديّة بين 135 و150 مليار دولار، ما يجعلها من أكثر الكوارث تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركيّة. وأدّت الحرائق إلى إجلاء 153,000 شخص، بينما تعمل منظمات إنقاذ الحيوان على رعاية مئات الحيوانات المتضرّرة. كما أعلنت وزارة الصّحة والخدمات الإنسانيّة الأميركيّة حالة طوارئ صحّية عامة في كاليفورنيا لمنح مقدّمي الرعاية الصحّية القدرة على تلبية احتياجات المتضرّرين.