غيتا مارون
كريستل سلامة، ممثّلة وعارضة أزياء مؤمنة، تخبر “قلم غار” عن مسيرة مفعمة بالتحدّيات والنعم الإلهيّة.
هكذا بدأت معركتي الكبيرة…
“ولدت مصابة بالسّنسنة المشقوقة أو تشقّق العمود الفقري (تشوّه في العمود الفقري والنخاع الشوكي يصيب الجنين في خلال مرحلة النمو في الرحم)، وخضعت لعمليّة جراحيّة من أجل معالجة الإصابة”، تخبر كريستل.
“عندما كبرت، تبيّن أن ساقي اليمنى أقصر من اليسرى ولا عصب فيها، فاضطررت إلى استخدام جهاز تقويمي منذ نعومة أظفاري كي أتمكن من المشي…
واجهت صعوبات عديدة في المدرسة وخارجها، وتعرّضت للتنمّر، لكن مساندة أمّي، المعلّمة في المدرسة عينها التي أتابع دروسي فيها، شكّلت عاملًا مساعدًا كي أتخطى آثار الكلام الجارح.
دفعني عشقي للمسرح الذي ألهب كياني منذ طفولتي إلى تحدّي العوائق التي لم تنجح يومًا في هزيمتي، إلى حدّ استندت إلى كرسي بلاستيكي قبل ارتداء الجهاز التقويمي، واعتليت المسرح!”
نعمة الله تكفيني!
وتقول كريستل: “أعاني من مشاكل في الكلى، وتراجعت حالتي الصحيّة عندما كنت أبلغ من العمر 19 عامًا.
بدأت أتّبع نظامًا غذائيًّا معيّنًا، وكنت أتناول حوالي 15 حبّة دواء يوميًّا… تعبتُ كثيرًا جسديًّا ونفسيًّا إذ كنت أقضي يومًا في المنزل مقابل عشرة أيّام في المستشفى…
نجوت من الموت 3 مرّات في تلك المرحلة المجبولة بالآلام…
في إحدى المرّات، قالت لي أمّي: الله أنقذك أكثر من مرّة من الموت، فهذا يعني أن لديك رسالة في الحياة. لم أكترث لكلامها لأن شدّة ألمي فاقت قدرتي على استيعاب كلماتها.
بعدئذٍ، فكّرت في قرارة نفسي في أن أمّي محقّة في كلامها، وأعدت النظر في حياتي، فرأيتها مكلّلة بالانتصارات، وشعرت بالرضا التام لأنني قمت بكل ما رغبت فيه، وكوني محاطة بأهل طيّبين وأصدقاء رائعين، وأنجح دومًا في تشجيع غيري على السير قدمًا في الحياة.
رغبت في إيصال صوتي من خلال المسرح كي أثبت للآخرين أنني لم أسمح لأي معضلة بأن تمنعني من التقدّم!
كتبت مسرحيّة تنقل معاناتي بطريقة كوميديّة كي أوصل الرسالة بأسلوب “خفيف الظل”…
حقّقت المسرحيّة النتائج المرجوّة، ولمست تأثر الناس بقصّتي، فقالوا لي: شكرًا لأن كلماتك شكلّت خير حوافز لنا من أجل الاستمرار في مسيرتنا.
حينئذٍ، شعرت بأنني وجدت دعوتي في الحياة، وبقيت العبارة التي قالتها لي أمّي حاضرة في ذهني، فازداد تمسّكي بحياتي، وأدركتُ أن نعمة الله تكفيني!”
القديسة رفقا ونعمة الشفاء
وتخبر كريستل: “تزامن دخولي مربّع الـ24 عامًا مع بدء مسيرة آلام جديدة: غسيل الكلى…
لم أسمح لجلجثتي بتمزيقي، بل كنت أعمد إلى تصوير فيديوهات في خلال جلسات الغسيل الكلوي، وأنشرها كي أعطي دافعًا للآخرين من أجل عدم الاستسلام إلى اليأس لأنني آمنت بأن المرض عاجز عن تدمير الحياة، بل إن الحياة التي تنبض داخلنا قادرة على تدمير المرض…
من ثم، أصبتُ بالصدفيّة التي غزت رأسي إلى درجة شعرت بالألم الشديد، وتساقط شعري… عانيت مجدّدًا جسديًّا ونفسيًّا من المرض وآثار الدواء الجانبيّة، فتسمّم جسمي، وتورّم وجهي، وبيّنت الفحوصات مدى خطورة حالتي، فدخلت المستشفى، وأكد الأطبّاء أن الألم الذي قاسيته لا أحد يستطيع تحمّله. لقد أنقذ الله حياتي في اللحظات الأخيرة!
توجّهت إلى شفيعتي القديسة رفقا التي لا ترفض لي طلبًا، وقصدت دير مار يوسف-جربتا، وطلبت شفاعتها، فاختفت الصدفيّة في خلال أسبوع، ونلتُ نعمة الشفاء في 1 أيّار 2019.
أغدق الله عليّ حضوره الدائم إلى جانبي ونعمة الإيمان بقدرته اللامحدودة!”
امنحني القوّة لأكمل رسالتي!
وترفع كريستل الشكر إلى الربّ قائلة: “تعلّمتُ أن أحمد الله، على الرغم من ضعفي، وأطلب منه أن أكون أهلًا لثقته، وأعتبر حالتي نعمة، وأثق بأنه سلّمني رسالة لأتمّمها على الأرض، وأشارك في حمل صليب المسيح.
لم أرفع صلاتي على نيّة أن أتمكن من المشي وأخلع الجهاز التقويمي بل أسأله أن يمنحني القوّة لأكمل رسالتي على الأرض!
أشكره على حضوره في حياتي والنعم التي يغدقها عليّ، والأوجاع التي ترافق مسيرتي… أحمده على أهلي لأنهم أغلى النعم، وعلّموني أن أحافظ على إيماني، وأؤمن بربّي وقدراتي، وأشكره على الأصدقاء الذين أحاطوني بالدعم كي أحقّق الأهداف التي رسمتها والمتنمّرين لأنهم زادوني قوّة من دون علمهم”.