ماري حنّا
يُعتبر دير سيّدة إيليج في ميفوق-جبيل رابع الأديار المارونيّة من حيث الأقدميّة بعد دير البلّور الذي بناه أهل حماه عند ضريح القديس مارون على ضفاف العاصي، ومن بعده دير مار مارون في كفرحي الذي أنشأه البطريرك يوحنا مارون ثمّ دير يانوح الذي بناه البطريرك جبرائيل الثالث على اسم السيّدة العذراء.
كان دير سيّدة إيليج مقرًّا للبطريركيّة المارونيّة لفترة من الزمن تقارب الثلاثمئة وعشرين عامًا، أي بين عاميّ 1121 و1440، ووُصف بأنه أعرق كراسيها في لبنان.
يقع مقرّ سكن البطريرك داخل الهيكل، ويُصعد إليه بواسطة درج صغير إلى غرفة وضيعة في الطابق العلوي. توالى 18 بطريركًا على كرسيه، يرقد منهم سبعة في هيكل الكنيسة.
مؤخّرًا، ارتأت رابطة سيّدة إيليج إعادة تصميم الجناح المعروف بجناح البطريرك، حيث كان يقيم البطاركة الذين توالوا على الكرسي البطريركي منذ ما يقارب الألف عام.
هذا الجناح بقي لفترة طويلة من الزمن فارغًا من أيّ أثاث إلى أن بادرت الرابطة بمشروع إعادة تصميم الجناح كما كان في عهد البطاركة.
في سياق متصل، قال فادي الشاماتي، أحد مؤسّسي رابطة سيّدة إيليج وعضو في هيئتها الإداريّة، في حديث خاص لـ”قلم غار”: بدأ العمل منذ حوالى الشهر بمبادرة من رابطة سيّدة إيليج وإشراف رئيس دير سيّدة ميفوق الأب يوسف متى، المتخصّص في علم الآثار والتاريخ، وهذا ما ساعد على استشراف الأدوات والأثاث الذي عاصر زمن البطاركة وقتها، والمعدات اليدويّة التي كانت متوفّرة حينها.
وأضاف الشاماتي: من هذا المنطلق، واستنادًا إلى ذلك الزمان، لم يتمّ استعمال أيّ معدّات حديديّة أو مسامير وغيرها في صناعة الأثاث، إنما فقط الحبال الليفيّة.
ففراش البطريرك مثلًا، مصنوع من خيطان القنّب ومحشو بورق القصب الذي لا يصيبه العفن ولا يتفتّت، وقد قمتُ بتصنيع الأثاث من خشب السنديان والتوت والدلب المتوفّر في أرض سيّدة إيليج.
يُذكر أن رابطة سيّدة إيليج تأسّست في العام 2001، وجعلت لتأسيسها جملة أهداف، منها الاهتمام بالدير وتحسينه والحفاظ على إرثه التاريخي، وصيانته بصورة مستمرّة، وتنفيذ الأشغال اللازمة بالتنسيق مع دير ميفوق.