كلود حداد
لمّا انتقلت مريم العذراء إلى السماء، أمّنا التي تمثّل الإنسانيّة الجديدة، والطاهرة، والمحرّرة من الخطيئة الأصليّة، ارتقت إلى مجده بعدما كانت محور حياتها كلمة واحدة: «نعم»، ترجمت إيمانها حتى النفس الأخير في كل أفعالها وأفراحها وآلامها، فهي أمّ الحيّ الذي لم يمت، أمّ الحياة وكل الأحياء، فكيف لها أن تموت؟
علّمنا انتقال مريم العذراء أننا لمّا انبلجت الحياة في أجسادنا ونفوسنا منذ ولادتنا، بدأ العدّ العكسي لا للاستسلام للموت بل لولادتنا الجديدة، فنحن اليوم على مثال أمّنا المنتقلة إلى مجد الربّ، نشارك فعليًّا في التحضير لولادتنا الجديدة. فليكن محور حياتنا كلمة واحدة: «نعم»، فنقدّم أنفسنا بفرح كبير في سبيل الخلاص.
حملت الملائكة مريم العذراء إلى قلب ابنها الذي اختارها وتجسّد منها، فهي منّا، إنسانة، أمّ، متفانية. لو كان للحبّ وجهٌ وجسدٌ لكان تجلّى في وجهها وجسدها، فكيف للحبّ أن يفسد ويموت؟ لو سمحنا لـ«نِعَم» الحبّ أن تُغْرَس فينا لأزهرت حياتنا رحمة ورجاء وصبرًا وصمتًا على مثال القديسة مريم، فهي لنا باب السماء وطريقنا إلى يسوع.
في يوم انتقالها إلى السماء، تجمّع كل الرسل لوداعها من كل أنحاء المعمورة ما عدا توما. وبعدما ودّعتهم أمّ الله، فاح عطر البخور وامتلأت الأجواء بأناشيد الملائكة لمدّة ثلاثة أيّام.
في العام 1950، أعلن البابا بيوس الثاني عشر عقيدة إيمانيّة بشأن انتقال العذراء مريم بالجسد والنفس إلى السماء. ففي 15 آب من كل عام، تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بانتقال أمّ الله إلى الفردوس السماوي.
ووفق المجمع الفاتيكاني الثاني، لقد انتقلت مريم بنفسها وجسدها إلى مجد السماء، وعظّمها الربّ كملكة العالمين لتكون مشابهة أكثر لابنها ربّ الأرباب المنتصر على الخطيئة والموت.