آمال شعيا
يطلّ العيد مختلفًا هذه المرّة؛ يجلس الأطفال حول المغارة، وهم يفتّشون عن هداياهم، ولكنهم عبثًا يحاولون، فهم لا يبصرون غير طفل صغير نائم في مذود فقير، ومريم ويوسف من حوله، ويحرسه الرعيان والمجوس، وهو يريد أن يقول لهم الكثير…
إن مشهد الأطفال ونظرتهم وما يغمرها من تساؤلات وعلامات استفهام جعلته يحدّق بهم أكثر، وهو يصرخ وجعهم، ويتنفّس أنفاسهم الخائفة من ظلمة المجهول، فيسير في زوايا الصّقيع إلى جانبهم، ويبحث معهم عن أحلامهم البيضاء التي سُلبت منهم قهرًا، من دون سابق إنذار…
لقد غدت ضحكات الأطفال خجولة، وهي تتأمّل طفل المغارة، لعلّه يرسل إليهم أَملًا يُحطّم قضبان حزنهم، فيبعث الرّجاء في قلوبهم المشتاقة إلى التّغريد على أوتار سلام الرّوح، المنبعث من دفء المحبّة السّاكن في قلب المغارة، حيث يتجلّى فرح العيد الحقيقيّ، وهم يسجدون أمامه، ويخاطبونه بلغة براءتهم، أي صلاتهم الأنقى، وهي من دون شكّ، تمثِّل جواز سفرهم إلى اكتشاف جوهر هديّتهم الأعظم التي تبقى صلاحهم الأقوى في وجه كلّ جراحهم…