المونسنيور فادي بو شبل
ترتجف يدي في الوقت الذي أخطّ فيه هذه الكلمات، وتنهمر الدموع من عينيّ عندما أفكّر في تلك المرحلة التي مررت بها في خلال إصابتي بفيروس كورونا.
ليست المرّة الأولى التي يُظهر فيها يسوع، إلهي الذي أحبّه وأعبده وقد كرّست ذاتي لخدمته في الكنيسة المقدّسة، رحمته العظيمة ومحبّته اللامتناهية نحو شخصي الضعيف، ونحو أهلي، وكلّ الذين يحبّونني.
عندما أفكر مليًّا بما مررت به، أعرف جيّدًا أنّه كان بإمكانه أن يجعلني في عداد من ليسوا معنا…
سيّد الحياة يتدخّل!
كان من الممكن أن أكون صفحة من الماضي أو ذكرى أو ربما صورة موضوعة على مكتب… لكن سيّد الحياة، ولسببٍ ما، أعطاني النعمة لمتابعة الطريق والرسالة التي أوكلني بها من خلال كنيسته المقدّسة التي أشعر نحوها بحبٍّ عظيم، مصدره الخفيّ هو ذاته منبع الحبّ الإلهيّ!
من هذه الخبرة التي عشتها في الفترة الماضية بسبب فيروس كورونا، أودّ أن أبرز بعض النقاط لأُساهم في خدمة أبنائي الروحيّين الذين أوكلني بهم السيّد المسيح لأرعاهم، وأحبّهم، وأخدمهم من خلال تقدمة حياتي من أجل حياتهم.
هكذا اكتشفتُ حبّ الكنيسة لي…
إن الله يسمح بالألم ليُظهر الحبّ!
نعم، مرّة جديدة، وبطريقة شخصيّة، اكتشفت حبّ الكنيسة لي، أنا الراعي الصغير… لمست حبّها من خلال صلاتها وتضرّعها والرسائل والاتصالات من كلّ حدب وصوب؛ من أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، والسفير البابوي المونسنيور لويس ماريانو منتنيماجور، والكاردينال روبن سلاسار غومس، ورئيس أساقفة بوغوتا والأوّل في كولومبيا المطران لويس خوسيه رويدا أباريسيو، إضافة إلى الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين من كل أنحاء العالم، من الأرجنتين، والأوروغواي، والبيرو، والإكوادور، وكولومبيا، والمكسيك، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وبولونيا، والأرض المقدّسة، ودبي وقطر، وبالطبع من وطني الحبيب لبنان.
معركتي مع الفيروس الخبيث
إن عطاء الأطبّاء والممرّضين الذين يضعون حياتهم في الخطر، ويمدّون يدهم للمساعدة والإسعاف والتشجيع، ليستحق الثناء حقًّا…
إنّه لمذهل رؤية هؤلاء الجنود (روّاد الفضاء) الذين يلعبون دور الملائكة المحيطين بنا والمهتمّين بالمرضى، من دون أن يشعرونا بأنهم خائفون أن يلتقطوا الفيروس منّا.
في حقل المعركة، يسمع المريض صرخة وجع، أنين ألم، خبرًا سارًّا بأن هناك من انتصر على الفيروس، وخبرًا مؤلمًا بأن آخر انتصر الفيروس الخبيث عليه،
أفكار كثيرة، أحاسيس مختلفة، خوفٌ، فرحٌ، ألمٌ، استسلامٌ، رجاء…
الحياة غالية جدًّا، والشعور بفقدانها ليس بالأمر السهل! أن تشعر بالاختناق، العزل، الوحدة، الخوف، والخطر الحقيقي…
أن تفكر بمن تحبّ، بمن ينتظرك… كلّ هذا يحملك على أن تتذكر ما قاله صاحب المزامير: “ما الإنسان حتى تذكره وابن البشر حتى تفتقده” (مز ٨/٥). هذا الإنسان المجبول من التراب يحمل في ذاته روحًا تجعله أسمى من الملائكة وتشركه في طبيعة الله الإلهيّة، لذلك يشعر بأن حياته في الحقيقة غالية جدًّا.
آيات التسبيح والبركات الروحيّة
من هنا، الدعوة موجّهة إلى الجميع ليعملوا على المحافظة على الحياة من خلال اتّباع التعليمات الطبيّة والوقائيّة، لئلا تتعرّض حياتهم المقدّسة لأيّ خطر.
أن تكون محاطًا بالمحبّة من الكثيرين، الأهل والأصدقاء، الأقرباء وأبناء الإكسرخوسيّة، كلّ هذا ليس إلا دافعًا إضافيًّا لرفع آيات التسبيح لله الآب الذي باركنا بكلّ بركة روحيّة في المسيح…
أحبّكم في المسيح يسوع إلهي، ولتحفظكم العذراء القدّيسة مريم تحت معطفها الوالديّ!