غيتا مارون
«الأسقف يحبّ أن ينسج الشركة، ويلتزم في الصفّ الأوّل، ويعمل بتواضع» (مقتطف من كلمة ألقاها البابا فرنسيس في 8 أيلول 2018).
وُلِدَ في 18 تمّوز 1960 في عيناتا الأرز حيث تشرّب سمات شخصيّته الصلبة. ترعرع في كنف عائلة متواضعة زرعت في أعماقه قيم المحبّة والإيمان، فتأثّر بروحانيّة والديه. نشأ في بيئة ريفيّة، حيث أصغى إلى ترنُّم الجبال وقرع أجراس الكنائس، فحلمت نفسه بعناق القداسة.
من لقاء خادم الله الأب نقولا كلويترز إلى استجابة نداء القديس شربل مخلوف، سطّر مسيرةً مكلّلة بالروحانيّة والتواضع والصدق والتضحية والجرأة.
منذ نعومة أظفاره، لم يبخل بمساعدة والده في رعي الخراف من دون أن يعلم أنّ الربّ يعدُّ له الطريق ليكون راعي قطيعه. لم يتردّد في التضحية من أجل خرافه، ولم يأبه لمواجهة الأعداء، بل رفع عصاه في وجوههم وأبعدهم عن رعاياه بكلمة الحقّ.
هو نموذجٌ للأسقف الصلب والمتفاني والمُحبّ في سبيل نموّ أبرشيّته على الصعد كافة، والمثابر بجهد متواصل لبلوغ الأهداف المرجوّة من مسيرة بناء البشر والحجر.
إنّه راعي أبرشيّة بعلبك-دير الأحمر المارونيّة المطران حنا رحمة الذي يشارك «قلم غار» شهادة حياته منذ طفولته، مرورًا باكتشافه دعوته الكهنوتيّة، ووصولًا إلى نيله الدرجة الأسقفيّة، بقلبٍ نابض بالمحبّة الرسوليّة.
-كيف تصفون حضور الله في حياتكم منذ الطفولة والمراهقة، وصولًا إلى اكتشاف الدعوة الكهنوتيّة؟
أتذكّر واقعة لا تزال محفورة في ذاكرتي منذ الطفولة: ذاتَ يوم، دخلتُ مكتب كاهن الرعيّة الأب يوسف رحمة، وسألته: «أبونا، ماذا يعني أن يكون المرء شمّاسًا أو كاهنًا أو مطرانًا؟”. ضحك الكاهن حينها لكنه أجابني ببساطة. ربما، تلك اللحظات زرعت في أعماقي أولى بذور البحث عن معنى الدعوة الكهنوتيّة.
في مدرستنا، لطالما صلّينا في الكنيسة، لكنني شعرت دائمًا بأنّ كنيستي الحقيقيّة حاضرة في بيتي: أمّي وأبي.
نشأت في كنف عائلة متواضعة. لم أرَ أبي يومًا غاضبًا ولم يُسمِعني كلمة جارحة أبدًا. كان هادئًا، فطبع السلام فينا. عمل في الزراعة والتجارة، ما جعلنا نعيش حياة قرويّة بكل تفاصيلها، ولم نعرف المدينة إلا عندما كبرنا. أمّا أمّي، فتمتّعت بشخصيّة قويّة غرست فينا الطموح والاندفاع نحو تأسيس العائلة وتأمين المستقبل. كنا نشعر بأنها سيّدة المنزل، تقوده بحكمة وحزم.
تميّز بيتنا بطابع ديني خاص، ولا سيّما في خلال ثلاثة أشهر من السنة: آذار؛ فيه عيد مار يوسف إذ حمل أبي اسمه، فشاركنا في زيّاحات عيده، وأيّار المخصّص لتكريم مريم العذراء؛ كنا نتحلّق حول مذبح صغير يضمّ صور القديسين في زاوية المنزل للصلاة، وحزيران المخصّص لعبادة قلب يسوع؛ كنا نرفع فيه الصلوات بخشوع.
شكّل القداس الأسبوعي محطة ثابتة وجميلة من حياتنا. وكانت أمّي ملتزمة في الأخويّة وتمنحها الأولويّة كل أحد، فتستعد وتحضّرنا معها للمشاركة في القداس والصلاة التي تسبقه.
عائلتي علّمتني أهمّية وجود الله في حياتي، ما شكّل جزءًا أساسيًّا من تربيتنا. هكذا، نمت بذور الدعوة حين لمست أمانة أهلي لإيمانهم وكنيستهم.
-هل التزمتم في حركة رسوليّة معيّنة؟
لا… أودّ مشاركتكم الاختبار الآتي: في إحدى المرات، في السبعينيّات، توقّفت حافلة كانت تقلّ مجموعة من الملتزمين في الحركات الرسوليّة، ودعتني للانضمام إليها من أجل المشاركة في الصلاة في دير الأحمر.
لبّيتُ دعوة الشباب، والتقيتُ يومها بالمطران الراحل جورج إسكندر وبالأب اليسوعي نقولا كلويترز الذي قدّم لي صورة لمريم العذراء مبتسمًا، وباركني. فرحت بالصورة لأنّني حصلت على رمزي الديني الخاص. كان هذا الاختبار مهمًّا جدًّا في حياتي. المطران إسكندر علّمنا ترانيمَ روحيّة. تأثّرت بشدّة بالأسقف والكاهن. فكانت تلك النواة الأولى التي زرعها الله في قلبي لنموّ الدعوة.
-كيف نمت بذور الدعوة في حياتكم، وصولًا إلى قرار التكرّس الكلّي للربّ؟
عام 1977، نظّم الراهب اللبناني الماروني الأب لويس وهبه (من قرية بشعلة) رياضة روحيّة لرعيّة مار سركيس وباخوس في عيناتا الأرز، محورها مار شربل، فحضرتها مع تلاميذ مدرستنا، علمًا بأنّ سنة 1977 هي عينها التي أُعلنت قداسته فيها. من هنا، بدأ التأثير المباشر على الدعوة، فكان أوّل تساؤل جدّي متعلّق بها.
رحت أسأل نفسي: «من هو مار شربل؟». هو من بقاعكفرا، في جوار قريتي، وقد أصبح قديسًا مشهورًا يصنع العجائب. الأب لويس بيّن لنا أهمّية القديس شربل.
بدأت أبحث عن معاني القداسة والطهارة والنقاوة. كنت في ريعان شبابي، أستمتع بحياتي وأحبّ إمضاء الوقت مع رفاقي. في المقابل، دفعني مار شربل إلى التفكير في عمق الحياة حتى وصلت إلى قناعة مفادها: إذا كنت سأصبح طبيبًا لمداواة الناس، أو محاميًا لحلّ مشاكلهم، أو ضابطًا لضبط أمورهم، فإنّ مار شربل، من خلال الصلاة والتقوى وحبّ الله والحياة الرهبانيّة والنهج النسكي، حقّقها كلّها. لا طبيبَ يمكنه أن يشفي المرضى على مثاله، ولا أحدَ يستطيع حلّ المشاكل كما حلّها. هذه القناعة حُفرت في أعماقي.
عام 1978، في خلال حرب المئة يوم، نزلنا إلى فرن الشبّاك، وقرأت حينذاك الكتاب المقدّس كلّه بعهديه القديم والجديد، فجعلني أنفتح على عالم آخر… في خلال القصف، تعرّضنا لإطلاق الرصاص… كنت قريبًا من الموت لكن الربّ أنقذني!
من ثم، عدنا إلى دير الأحمر. بعد المرحلة الثانويّة، قرّرت الترهّب.
في تلك الآونة، تأثرت بالمطران الراحل رولان أبو جودة الذي تبعته من عيناتا إلى مزار سيّدة بشوات لأخبره برغبة قلبي العميقة، فأرشدني إلى الأب بطرس منصف.
التقيت بالأب منصف، الراهب الواعظ الذي عُرِفَ بقداسته وتقواه، وتعمّقت معه أكثر في الصلاة. في 6 آب 1979، رافقني إلى دير كفيفان التابع للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة حيث قضيت عامين. في 10 تشرين الثاني 1981، أبرزت نذري الأوّل.
-يوم الرسامة الكهنوتيّة مهمّ في حياة الكاهن، كيف تصفونه؟
في 29 تمّوز 1990، رُسمت كاهنًا على يد المطران جورج أبي صابر في كنيسة الروح القدس في الكسليك. كان يومًا بالغ الأهمّية، حيث غمرتني سعادة عارمة لكنها لم تكتمل بسبب جرح أدمى قلب عائلتنا إذ خُطِفَ أخي الحبيب في سوريا عام 1989، فلم يكن حاضرًا معنا. الحمد لله، حُرِّرَ شقيقي بعد خمس سنوات.
-لماذا اخترتم البتوليّة؟
مررت بتجارب عدّة، فكان عليَّ أن أختار بين حياة الكاهن المتزوّج أو العازب.
تأثرت بالأب الراحل جوزيف الحاج الذي مثّل حضور القديس شربل إذ قدّم لنا صورة حقيقيّة عنه.
عام 1983، تعرّضت لصدمة إيمانيّة بسبب كاهن وأحد الإخوة؛ كنت أرتدي الإسكيم وأطيل لحيتي، فاعتبرا أنّني لا أعيش الحياة المشتركة، بل أميّز نفسي عن الآخرين. حينذاك، تخلّيت عن تلك الأمور. لكنني اكتشفت أنّني لم أعد كما رغبت. في تلك اللحظات، قرّرت أن أجسّد قناعتي بعمق في حياتي، وأن لا أكترث لأفكار الآخرين.
عشت فترة ضياع روحي امتدّت لستة أشهر، لكنني بقيت ملتزمًا بالقوانين والنشاطات الجماعيّة، ورحت أبحث مجدّدًا عن المسيح والدعوة.
أعتبر أنّ التزاماتي وقناعاتي وعمقي الروحي ثمار جهدي الشخصي. في مرحلة الابتداء، كنت أصلّي كثيرًا، واختبرت سكرة روحيّة عظيمة بعد سجودي لساعات طويلة أمام القربان الأقدس. في ميلاد 1980، رأيت يسوع، طفل المغارة، يتحوّل من تمثال صغير إلى طفل حقيقي…
في ذلك الوقت، كانت أفكارنا وعواطفنا موجّهة نحو المسيح فحسب، وعشنا صفاءً داخليًّا عميقًا.
كما كانت لي رؤى أخرى في خلال صلاتي لقلب يسوع، وأنا أعتبرها علامات لوجود الربّ.
عشت حوالى 7 سنوات من المخاض قبل الاختيار بين الترهّب والارتباط، وحاولت إيجاد شريكة حياة في حال قرّرت أن أكون كاهنًا متزوّجًا، لكن النجاح لم يكن حليف العلاقة. استشرت رهبانًا كبارًا، فشجّعوني على اختيار الحياة الرهبانيّة.
عندما قرّرت أن أصبح شمّاسًا، ألغيت تمامًا فكرة الارتباط.
حين أصبحت مطرانًا، فهمت بوضوح العبرة من اختباري والتدخُّل الإلهي في حياتي كي لا أتزوّج.
-من الكهنوت حتى الدرجة الأسقفيّة، كيف تختصرون هذه المرحلة؟
عام 1990، تولّيت إدارة مدرسة نورث ليبانون كولدج في زغرتا. من ثم، أصبحت الأمين السرّ الخاص للأباتي باسيل الهاشم والقائم بأعمال الأمانة العامة للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة. لاحقًا، أُرسلت إلى فرنسا للتخصّص في جامعة السوربون لمدّة أربع سنوات، حيث أتممت دراساتي العليا استعدادًا للحصول على درجة الدكتوراه.
عدت بعدها إلى لبنان، حيث شغلت منصب رئيس دير مار شربل في بقاعكفرا على مدار سنتين. بعد نيلي درجة الدكتوراه، بدأت التدريس في جامعة الروح القدس-الكسليك.
عام 1998، انتُخبت مديرًا عامًا لمدارس الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، واستمررت في هذا المنصب حتى العام 2015، على مدى ثلاثة عهود. أحببت هذه الوظيفة لما أتاحته لي من فرصة من أجل المساهمة في تعزيز التعليم.
عام 1999، طلب مني المطران منجد الهاشم تولّي منصب النائب العام إلى جانبه في أبرشيّة بعلبك-دير الأحمر، فلبّيت طلبه. قسّمت وقتي بين التدريس ليومين، والإشراف على المديريّة العامة ليومين آخرين، وخصّصت ثلاثة أيّام لخدمة الأبرشيّة.
عام 2012، حصلت على لقب الأباتيّة تقديرًا لجهودي الكبيرة على مدى 14 عامًا.
استمررت في القيام بهذه المهمّات حتى العام 2015 حين انتُخبت مطرانًا.
-هل علمتم مسبقًا بأنّكم ستنالون الدرجة الأسقفيّة؟
لم أكن على علم مسبق بانتخابي مطرانًا. كنت رسولًا في المنطقة، مكرّسًا مدخولي من الجامعة والمديريّة العامة لتلبية حاجات الأبرشيّة ودعم المحتاجين. شعرت بالسعادة عبر الانكباب على خدمة الناس والوقوف إلى جانبهم.
أسّست مركز تنشئة في الأبرشيّة لنقل المعرفة التي اكتسبتها إلى الآخرين.
زكّى باسمي كلٌّ من المطران منجد الهاشم والرئيس العام طنّوس نعمة. رأت الكنيسة في جهودي وتضحياتي مثالًا في الخدمة، فقرّرت انتخابي مطرانًا.
-متى احتفلتم برسامتكم الأسقفيّة؟ كيف تصفونها؟
1 آب 2015 هو تاريخ سيامتي الأسقفيّة؛ عشت يومًا عظيمًا تحوّل إلى عيد كبير. كنت أوّل مطران من الطائفة المارونيّة ينال الرسامة الأسقفيّة خارج بكركي، حيث جرت المراسم في بشوات، بناءً على اختيار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
سيّدة بشوات تحتلّ مكانة عميقة في قلبي، فهي بعد الثالوث الأقدس، تعني لي الكثير، إلى جانب مار شربل.
يومذاك، شعرت بفرح عامر وسط حضور أهلنا؛ كان احتفالًا جمع المسيحيين والمسلمين، ما جعل المناسبة عيدًا مشتركًا شعرت فيه ببهجة الناس وعمق محبّتهم.
-كيف تختصرون الفترة الممتدّة من خدمتكم في الأبرشيّة حتى انتخابكم أسقفًا؟
كانت مرحلة نضوج كهنوتي أضافت الكثير إلى حياتي الروحيّة والعمليّة؛ عشت فرح العمل المتواصل والمتنوّع، إذ جمعت بين الخدمة في الأبرشيّة وإدارة المديريّة العامة والتعليم الجامعي (1996-2015). لم أكن أشعر بالملل أبدًا، بل كنت ممتنًّا لإمكانيّة استثمار علمي ومواهبي في خدمة الكنيسة والمجتمع. كانت تلك المرحلة غنيّة بالعمل والتحدّيات، لكنها مفعمة بالسعادة والرضا.
-ما أبرز الخطوات التي قمتم بها من أجل تحسين أحوال الأبرشيّة؟
منذ اللحظة الأولى، عملت بروح الشراكة مع الكهنة والمؤمنين الذين وثقوا بي وطلبوا من البطريرك الراعي -مع المطران سمعان عطا الله- أن أكون أسقفًا عليهم. فقلت لهم بعد انتخابي مطرانًا: «سننجز العمل معًا لأنّكم أردتموني معكم».
على المستوى التربوي، نفّذنا مشروعًا متميّزًا لتطوير التعليم، فجدّدنا المدرسة الوطنيّة المارونيّة في بعلبك، ما عزّز القطاع التربوي في الأبرشيّة.
على المستوى الروحي، أسّسنا مجلسًا رسوليًّا لتنظيم شؤون الأبرشيّة، وأعددنا هيكليّة عمل واضحة تضمن مشاركة فاعلة للشبيبة وتنظيم الأنشطة الرسوليّة.
على المستوى العمراني، حصلنا على دعم مالي من الكنيسة الإيطاليّة لتحويل مدرسة مهملة إلى مركز رسولي حديث.
كما أنشأنا مكتب تنمية لتعزيز التعاون مع الجهات المانحة في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ما ساهم في ترميم الكنائس. أنجزنا طابقًا إضافيًّا في المطرانيّة، وطوّرنا مستشفى لتلبية احتياجات المجتمع.
كذلك، أسّسنا رهبانيّة «بيت مارون وخدّام أرزة لبنان» لتعزيز الروحانيّة المارونيّة، وأنشأنا لجنة لمتابعة ملفّ خادم الله غصيبة كيروز، ما يظهر اهتمامًا خاصًا بالقضايا الحيويّة.
كانت كل هذه الخطوات مدفوعة برؤية متكاملة تجمع بين العمل الروحي والتربوي والاجتماعي بهدف تعزيز حضور الكنيسة وخدمتها المؤمنين.
-من شفيعكم من القديسين أو القديسات في مسيرتكم الكهنوتيّة، وصولًا إلى الأسقفيّة؟
سيّدة بشوات، ومار شربل، والقديس يوحنا الحبيب، فهو شفيعي الشخصي وأحبّه جدًّا لأنّه أحبّ يسوع بقوّة وفهمه.
-بين الكهنوت والدرجة الأسقفيّة، كيف لمستم يد الربّ في أوقات الشدائد؟
الربّ حاضر في حياتي دومًا، لكن حضوره تجلّى لي بطريقة مغايرة بعدما أصبحت مطرانًا. يد الله تعمل بقوّة هائلة، وتدير الأبرشيّة، وتلهمنا عمل الخير، وتمنحنا الحكمة لاتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات الصعبة.
أستشير الربّ في كل التفاصيل، وأستنير بإلهامات الروح القدس، مدركًا أنّ مواهبي وقدراتي عطيّة منه. أضع كل إنجاز ونجاح في خدمتي الكهنوتيّة والأسقفيّة بين يديه، فهو المعطي والقائد الذي يمنحنا القوّة لنكمل المسيرة ونتخطى التحدّيات.
-أنتم معروفون بمواقفكم وإطلالاتكم الجريئة وتسمّون الأمور بأسمائها ولا تخافون، هل دفعتم يومًا ما ثمن هذه الجرأة؟
منذ اليوم الأوّل لتسلُّمي مهمّاتي في الأبرشيّة، واجهت تحدّيات مباشرة، ونجحت في ردع التفلّت الأمني في البقاع.
عبّرت عن مواقفي بوضوح في مؤتمرات صحافيّة عدّة، ما أكسبني سمعة الأسقف الصريح والجريء والمُحبّ.
أثق بأنّ الربّ يحمينا. الصليب المعلّق على صدري هو درعي وسلاحي. عندما قرّرت أن أواجه الشرّ بلا خوف، شعرت بقوّة جبّارة لأنّني كرّست حياتي للربّ الذي يعلم متى يسترجع أمانته، عملًا بوصيّته: «ليكن كلامكم: نعم نعم، ولا لا» (متى 5: 37).
-ما الأمور التي تحزنكم؟ ما يفرحكم؟
أحزن كثيرًا بسبب نكران الجميل بينما أفرح عندما أنجح في مساعدة الآخرين وتعزيتهم وإدخال الفرح إلى قلوبهم.
-في حال تولّيتم دورًا قياديًّا أعلى في الكنيسة، ما البرنامج الذي تضعونه من أجل تعزيز مسيرتها؟
إنّ هذا الطرح مستبعد بالنسبة إليَّ. في حال حصوله، سأعمل على تنظيم كنيستي كما نظّمت أبرشيّتي، فحقّقَت ازدهارًا. كنيستنا تستحق بذل الجهود والتضحية من أجل نموّها.
نحتاج إلى إحياء قيم الشفافية والعفويّة والنقاء، وإعادة هذه المبادئ إلى صلب حياتنا الكنسيّة. بالإرادة والعمل الجاد، يمكننا تحقيق المعجزات. كما نحتاج إلى ديناميكيّة واضحة وإدارة متجدّدة تواكب العصر وتستثمر التكنولوجيا.
-في النهاية، علامَ تشكرون الربّ؟
أحمده على ما أنا عليه، وعلى عائلتي وكنيستي ورهبانيّتي. وأشكره لأنّه منحني نعمة الإيمان وحماني وجعلني أضيء شمعة في الظلام. أرفع له الحمد على بركاته لأنّني أرى جمال الخير وقباحة الشرّ، وأسير على درب يسوع المسيح.