شدّد المطارنة الموارنة على وجوب المعالجة الحازمة للخلل الطارئ على العلاقات اللبنانيّة-الخليجيّة، بحيث يوضع حدّ نهائي للتدخّلات في شؤون الأشقاء والأصدقاء، ورأوا في هذا الخلل مثلًا ساطعًا لحاجة لبنان الماسّة إلى إعلان حياده.
وأكدوا أنهم يعوّلون على وطنيّة اللبنانيين المخلصين وحكمتهم وحرصهم على أن تلبّي الاستحقاقات الدستوريّة توق الشعب اللبناني إلى صون الحرّيّة، والفوز بالأمن الراسخ والاستقرار المثمر، معربين عن أملهم بوصول الحكومة اللبنانيّة وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق في مدى قريب، بما يفتح الباب واسعًا أمام المباشرة بالإصلاحات المطلوبة لتحرير الدعم المالي المُرْتجى وإطلاق ورشة المشاريع الحيويّة.
وكان المطارنة الموارنة قد عقدوا اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الرؤساء العامين للرهبانيّات المارونيّة، وتدارسوا شؤونًا كنسيّة ووطنيّة.
وفي ختام الاجتماع، أصدروا البيان الآتي:
1-رحّب الآباء بالمطران بول غالاغير، أمين سرّ العلاقات مع الدول في أمانة سرّ دولة الفاتيكان، الذي التقاهم في اجتماعهم. وهو يقوم بزيارة رسميّة إلى لبنان موفدًا من البابا فرنسيس للتعبير عن قربه من الشعب اللبناني، وعنايته بشأن لبنان على المستوى الدولي. وتأتي الزيارة بمناسبة الاحتفال بمرور 25 سنة على إصدار الإرشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان”، الذي وقّعه القديس البابا يوحنا بولس الثاني في أثناء زيارته للبنان في أيّار 1997.
2-يتابع الآباء باهتمام النقاشات الدائرة على الصعد الرسميّة والسياسيّة والإعلاميّة في موضوع الموازنة العامة، ويلفتون الانتباه إلى الأولويّة التي ينبغي أن تُعطى في ظروف البلاد الصعبة للغاية، لتسهيل توافر الخدمات العامة ومتطلّبات الصحّة والغذاء تبعًا للإمكانات الماديّة المحدودة لمعظم اللبنانيين وبرقابة صارمة تشمل عمليّات الاستيراد والتوزيع والمبيع.
3-ويأملون بوصول الحكومة اللبنانيّة وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق في مدى قريب، بما يفتح الباب واسعًا أمام المباشرة بالإصلاحات المطلوبة لتحرير الدعم المالي المُرْتجى وإطلاق ورشة المشاريع الحيويّة، ويترقّبون من المراجع الرسميّة المعنيّة إقامة شبكة أمن وأمان عامة تشجّع على عودة الدورة الاستثماريّة الكفيلة بتأمين فرص عمل والحدّ من الهجرة.
4-يراقب الآباء التحوّلات السياسيّة الجارية في مراكز القرار عشيّة انطلاقة الإعداد الجدّي للانتخابات النيابيّة، ويؤكّدون ضرورة الحؤول بينها وبين احتمالات تأثيرها سلبًا على هذه الانتخابات كما والانتخابات الرئاسيّة، ويعوّلون بذلك على وطنيّة اللبنانيين المخلصين، وعلى حكمتهم وحرصهم على أن تلبّي الاستحقاقات الدستوريّة توق اللبنانيين إلى صيانة الحرّيّة، والفوز بالأمن الراسخ والاستقرار المثمر.
5-وإنّهم يعبّرون عن قلقهم الشديد حيال الاضطراب السائد القطاع التعليمي في ما يتعلّق بالرواتب والأجور والأقساط وانتظام عمل المؤسسات المعنيّة، وبالتالي تهدّد هذا القطاع بالشلل، وهو أحد أركان العافية المعرفيّة في البلاد. ويدعون إلى إيجاد حلول مرنة ومعقولة يجب أن تأخذها الحكومة في الاعتبار في الشقَّيْن الرسمي والخاصّ، من ضمن بنود الموازنة العامة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي. فالتعليم والتربية يمثّلان القوّة الموجّهة الأساسيّة للتنمية البشريّة المتكاملة، ولتعزيز الثقافة اللبنانيّة بمختلف جوانبها، وهما ثروة اللبنانيين المعروفين بروحهم الخلّاقة.
6-يبدي الآباء ارتياحهم إلى الخطوات الإيجابيّة التي سجّلتها الأجهزة العسكريّة والأمنيّة على صعيد ضبط الحدود والمرافق العامة وإحباط محاولات تهريب المخدّرات عبرها، ويرجون أن يكون ذلك بداية لاسترداد الدولة سيادتها الكاملة على كلّ حدودها، وحقوقها في تلك المرافق من دون استثناء.
7-يشدّد الآباء على وجوب المعالجة الحازمة للخلل الطارئ على العلاقات اللبنانيّة-الخليجيّة، بحيث يوضع حدّ نهائي للتدخّلات في شؤون الأشقاء والأصدقاء، ويرون في هذا الخلل مثلًا ساطعًا لحاجة لبنان الماسّة إلى إعلان حياده، فلا يعود ساحة للتجاذبات الخارجيّة وتستقيم حياته السياسيّة نحو التركيز على حسن إدارة أوضاعه وتواصله مع الخارج القريب والبعيد.
8-تحتفل الكنيسة المارونيّة في التاسع من هذا الشهر بعيد شفيعها القديس مارون، وهو قد أصبح منذ الاستقلال عيدًا وطنيًّا يعني جميع اللبنانيين. يدعو الآباء أبناءهم وبناتهم وجميع مواطنيهم إلى التأمل بروحانيّة هذا القديس والتمثل بفضائله، ولا سيّما منها الإيمان والمحبّة، والتجرّد والزهد، والغيرة على نشر كلمة الله بالصلاة والعمل، وإلى طلب شفاعته كي يلهم الله شعبنا والمسؤولين فيه العودة إليه بتوبة صادقة وسعي حثيث لنشر الألفة والمحبّة والسلام في ربوع هذا الوطن والمنطقة والعالم.