الإكسرخوس الرسولي فادي بو شبل
«ترون السماء مفتوحة…» (يو 1: 51).
هذا ما وعد به المعلّم الربّ يسوع الفادي، وما تختبره الكنيسة من حين إلى آخر.
منذ قرابة 107 أعوام، انفتحت السماوات من جديد، وأطلّت مَن هي فرح الملائكة وغبطة البشر، حاملة لأطفال فاطيما الثلاثة، ومن خلالهم للعالم بأسره، أسرارًا كثرت التفسيرات والتأويلات حولها.
إنّنا نثق ونعلن أنّ مَن هي سبب سرورنا لا يمكنها أن تحمل إلينا إلا ما يمنحنا الفرح، ويساعدنا لنكتشف عظمة الربّ ورحمته نحونا.
منذ 107 أعوام، تستقبل البرتغال الحجّاج الوافدين من الشرق والغرب، من الشمال والجنوب ليكونوا بالقرب من مريم العذراء التي أرادت أن تكون بدورها بالقرب منهم.
من يستطيع أن يحصي عدد هؤلاء الأشخاص؟ من يقدر أن يقول لنا كم من السلام الملائكي تلفّظت به الشفاه؟ وكم من الركب انحنت وأصحابها هتفوا: «ما أحلى الركوع على قدميكِ… أُبْسِطُ يَدَيَّ… ألتجئ إليكِ»…
كم من القلوب خفقت حبًّا، وكم من العيون دمعت ندامة؟
كم من شاب وصبيّة أرادوا التكرّس من أجل خلاص العالم؟
كم من نفس عادت إلى ربّها بالتوبة ودموع الندامة؟
هل يمكن أن ننسى كيف أنّ يد العذراء الطاهرة والقادرة قد حوّلت مسار الرصاصة في جسم القديس البابا يوحنا بولس الثاني في أثناء محاولة اغتياله؟
هل يُعقل ألا أعترف بفضل أمّ يسوع عليَّ يوم سمحت لي بأن أكون معها، وبالقرب منها، عندما قصدتُ مزارها في فاطيما؟
اليوم وأكثر من أيّ وقت مضى، أشعر بحضوركِ اللطيف في حياتي يا أمّ يسوع ربّي، وأعرف حقًّا كم أحتاج إلى صلواتك وبركتك!
أضمّ صلاتي إلى صلاة البابا فرنسيس والكنيسة الجامعة لنشكرك ونعترف أمام العالم بأسره أنّك أمّنا، وأنّنا بحاجة إلى رضاك.
كم أنتِ غالية وكم نقدّر هديّة ربّنا إلى كل منّا!
يا أمّي البتول مريم، ما أشهى رؤيتك وما أبهى طلّتك!
ما أنقى طهارتك، وما أسخى شفاعتك!
في هذا اليوم المقدّس، أودّ أن أتناول الأحرف الأبجديّة وأقدّمها إلى يسوع إلهي، طالبًا منه أن ينظم لك أشهى الأشعار وأصدق المعاني.
يا أمّي العذراء مريم، هلمّي وألقي ثوبك البتولي عليَّ وعلى جميع من يضعهم الربّ على دربي وتحت مسؤوليّتي.
اليوم، أكرّس لكِ ذاتي بكلّيتها مع أهلي وأصدقائي وجميع من لهم مكانة في قلبي.
أكرّس لكِ وطني وكل الأوطان.
أكرّس لكِ الأطفال والشبّان، المرضى والمعافين، العائلات والضالين.
أكرّس لكِ مَن يؤمن بأنّ يسوع المسيح هو ابن الله وابنك.
أيتها العذراء مريم، اسمحي لي بأن أنظر إلى عينيكِ وأتأمّل جمالهما، وبأن أختبئ في قلبك وأنعم بدفئه، فأنتِ أمّي يا مريم، وأنا لا أريد أن أترك يدكِ، لا في هذه الحياة ولا في الآتية.
واسمحي لي بعد هذه الحياة الفانية أن أنعم برؤية وجهك ووجه يسوع المسيح ابنك في الحياة الخالدة، آمين.