ب. ب.
بشّرتُ باسم يسوع المسيح في بلدانٍ جمّة، ولساني الذي سبّح الله دومًا جعل الآخرين يرفعون له التسبيح. أنا القديس أنطونيوس البدواني، أحد معلّمي الكنيسة الكاثوليكيّة، وهذه قصّتي التي قادتني إلى السماء.
———————————————————-
في لشبونة، عاصمة البرتغال، أبصر فرناندو دو بويوس النور في 15 آب 1195، وكان الابن البكر لعائلة صالحة تقيّة وغنيّة.
بعد ثمانية أيّام من ولادته، نال سرّ المعموديّة في كنيسة مريم البتول القريبة من منزل ذويه. من أروع ما كُتِبَ عن طفولته أنّه إذا بكى، كانت عائلته تحمله وتقف أمام إحدى النوافذ المطلّة على الكنيسة، فيكفّ حالًا عن البكاء ويمدّ يديه الصغيرتين نحوها.
أراد والداه أن يكون ابنهما حاكمًا أو أسقفًا، لكن قديسنا طمح إلى خدمة الربّ، فسمع صوته ولبّى النداء.
ساعات طويلة أمضاها في الصلاة، راجيًا الله أن يكون خادمًا في الكنيسة، فكانت ليسوع الحصّة الأكبر في قلبه.
في الخامسة عشرة من عمره، غادر منزله الفخم، ودخل رهبانيّة القديس أغسطينوس، فأصبح واحدًا من الإكليريكيين الأكثر ثقافة في أوروبا.
من ثم، قصد فرناندو مدينة كوامبر البرتغاليّة ليقيم في دير آخر حيث رُسِمَ كاهنًا ولم يكن قد بلغ بعد الخامسة والعشرين من عمره.
زار بلدانًا ومدنًا كثيرة بهدف التبشير بالمسيح، منها مدينة مراكش حيث فتك بجسمه مرض الملاريا، ما اضطره إلى البقاء في السرير. بعد فترة وجيزة، قرّر العودة إلى البرتغال لكن الرياح المعاكسة دفعت المركب الذي كان على متنه صوب شواطئ سيسيليا، ومنها توجّه على قدميه إلى أسيزي. قصد فرناندو لاحقًا مناطقَ عدّة، ملقيًا عظاتٍ وخطبًا، حتى إنّه التقى في إحدى جولاته القديس فرنسيس في العام 1226.
بعدئذٍ، انتقل إلى رهبانيّة القديس فرنسيس الأسيزي (الإخوة الأصاغر) في أواخر تموز 1220، وهو في السادسة والعشرين من عمره، ودُعِيَ باسم «أنطونيوس». كان من أهمّ المعلّمين عند الإخوة الأصاغر، ووضع ركائز اللاهوت الفرنسيسكاني.
اهتمّ أنطونيوس بالفقراء، وحضّ الأثرياء على الاهتمام بهم، قائلًا: «أيّها الأغنياء، كونوا أصدقاء للفقراء، استقبلوهم في بيوتكم، وسيكونون مَن يستقبلونكم في المنازل الأبديّة، حيث جمال السلام وثقة الأمان وغنى هدوء الاكتفاء الأبدي».
في 13 حزيران 1231، انتقل أنطونيوس إلى الحياة الأبديّة. بعد مرور عام على عبوره إلى أحضان الآب السماوي، أعلن البابا غريغوريوس التاسع أنطونيوس قديسًا على مذابح الربّ، يوم عيد العنصرة الواقع في 30 أيّار 1232. وحُدِّدَ تذكاره في 13 حزيران من كل عام.
في العام 1263، بُنِيَت كاتدرائيّة في مدينة بادوا أو بادوفا شمالي إيطاليا حيث نُقِلَ رفات القديس أنطونيوس في احتفال مهيب حصلت في خلاله معجزات عدّة، بحضور القديس بونافنتورا الذي صرخ لدى فتح ضريحه بعدما وُجِدَ لسان القديس أنطونيوس غير متحلّل: «مبارك هذا اللسان الذي لطالما سبّح الله وجعل الآخرين يسبّحونه، والآن أصبح علامة أمام الله».
في 16 كانون الثاني 1946، أعلن البابا بيوس الثاني عشر القديس أنطونيوس البدواني أحد معلّمي الكنيسة الكاثوليكيّة.
انتشرت أخبار القديس أنطونيوس والمعجزات المُجتَرحة بشفاعته في كل مكان. ويلتجأ المؤمنون إليه، خاصّةً في أخطار الغرق وضياع الأشياء.
———————————————————-
أيها القديس أنطونيوس البدواني، أبعد عنّا الأرواح الشريرة، وعلّمنا أن نكون أمناء لتعاليم كنيستنا وأن نعمل لخيرها على مثالك، ونتذكّر كلماتك: «الأفعال أبلغ من الأقوال؛ دعوا الكلمات تعلّم والأفعال تتكلّم!».