باسمة بو سرحال
زرتُ لجج جهنّم، وجلتُ في الفردوس قبل أن تعانق روحي الحبّ السرمدي. أنا رسولة الرحمة الإلهيّة. أنا القديسة فوستين، وهذه حكايتي مع يسوع.
———————————————————-
بين 25 آب 1905 و5 تشرين الأوّل 1938، رسمت هيلينا كوفالسكا طريقها نحو السماء، هي التي أبصرت النور في فرصوفيا عاصمة بولونيا في كنف عائلة مسيحيّة تتألف من عشرة أولاد، وكانت الابنة الثالثة بينهم.
منذ طفولتها حتى مماتها، بقي وجها يسوع وأمّه مريم ماثلَيْن أمام عينيها ولا يبارحان قلبها الطاهر الحنون. في الخامسة من عمرها، رأت مريم العذراء في حلمها، وروت أنّها سارت معها في الفردوس يدًا بيد.
في العام 1914، احتفلت هيلينا بمناولتها الأولى بكل فرح، مردّدة أمام الجميع أنّ ملاكها الحارس هو الذي يوقظها في أثناء الليل كي تصلّي.
في الخامسة عشرة، طلبت الدخول إلى الدير للترهّب، فعارض والداها الفكرة، ما أدخلها في كآبة.
مساء 1 آب 1923، بينما كانت مع أختها في حفلة، شعرت بوجود يسوع المسيح قربها، متوجّهًا إليها بالقول: «إلى متى ستخيّبين أملي؟». عندها تقول هيلينا: «توقفت الموسيقى العذبة بالنسبة إليّ، وغاب كل الحضور عن ناظري، ولم يبقَ إلا يسوع وأنا».
على الفور، قصدت كاتدرائيّة القديس ستانسلاس كوستكا، وأمام القربان المقدّس سمعت صوتًا يقول لها: «اذهبي حالًا إلى فرصوفيا حيث ستدخلين الدير». هكذا فعلت وتضرّعت إلى العذراء مريم كي تقود خطاها. كانت وجهتها قرية صغيرة، فدخلت كنيستها وتحدّثت إلى كاهن شجّعها كي تضع ثقتها بالله. بعدها، عرّفها على امرأة تقيّة، فعملت خادمة لديها قبل أن تدخل جمعيّة راهبات سيّدة الرحمة.
في العام 1933، أبرزت هيلينا نذورها المؤبّدة، واتّخذت اسم ماريا فوستينا، وتوزّع عملها بين المطبخ وبستان الدير واستقبال الزوّار.
ظهر لها يسوع لأوّل مرة برداء أبيض يشعّ منه نور بهيّ، وأوصاها بأنّ ترسم ما رأت وتكتب على صورته: «يا يسوع، أنا أثق بك». فذهبت إلى رسّام ونفّذت ما طلبه منها، ثمّ قدّمت الصورة إلى المسؤولات في الدير.
في 9 تشرين الأوّل 1936، روت الأخت فوستين أنّ ملاكًا قادها إلى جهنّم، وكتبت في مذكّراتها: «انتبهتُ إلى أنّ معظم الأرواح التي تتعذّب لم تؤمن بوجود جهنّم أصلًا. وأنا زرتُ، بأمر الله، لجج جهنّم كي أستطيع أن أخبر النفوس عنها وأشهد لوجودها».
أصيبت بمرض السلّ الرئوي الذي أودى بحياتها في 5 تشرين الأوّل 1938 في الدير في كراكوفيا، وكانت في الثالثة والثلاثين من عمرها.
في 18 نيسان 1993، طوّب القديس البابا يوحنا بولس الثاني الأخت فوستين. كما أعلنها قديسة أيضًا في 30 نيسان 2000، يوم عيد الرحمة الإلهيّة.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكار القديسة فوستين في 5 تشرين الأوّل من كل عام، طالبة شفاعتها لتختبر رحمة الله الغامرة وتقتدي بتواضعها وثقتها الكاملة بعناية يسوع المسيح.
———————————————————-
أيتها القديسة فوستين، تشفّعي من أجلنا كي نعيش حياة مرضيّة للربّ، فننجو من نار جهنّم، ونشهد معكِ على عظمة يسوع المسيح إلى الأبد.