باسمة بو سرحال
وجه الطفل الإلهي لا يبارح مقلتيَّ. أنا التي عشقتُ روحه، والتصق اسمي باسمه، أنا ابنة القديسَيْن لويس وزيلي مارتن، وملفانة الكنيسة. أنا القديسة تريزيا الطفل يسوع، وهذه قصّتي مع حبيب نفسي الوحيد.
———————————————————-
«المصعد الذي ينبغي أن يرفعني إلى السماء ذراعاك، يا يسوع»، كلماتٌ تختصر عظمة إيمانٍ جبّار تميّزت به القديسة تريزيا الطفل يسوع التي وُلِدَت في مدينة ألنسون بمقاطعة نورماندي الفرنسيّة في 2 كانون الثاني 1873.
هي التاسعة بين إخوتها، وقد انتقل 4 منهم إلى الحياة الأبديّة بعد أشهر قليلة من ولادتهم. توفّيت أمّها بعد صراع مع مرض السرطان في حين كانت تريزيا طفلة لم تبلغ الخامسة من عمرها.
ابتسامة مريم العذراء
في 13 أيّار 1883، حصلت تريزيا على نعمة الشفاء من مرض ألمّ بها في طفولتها، فروت اختبارها الرائع: «حين لم تجد تريز الصغيرة المسكينة عونًا لها على الأرض، التفتت إلى أمّها السماويّة، والتمست منها أن ترأف بها… وفجأة، ظهرت لي العذراء القديسة جميلة حتى إنني لم أكن قد رأيت أبدًا جمالًا مماثلًا، وكان وجهها يتدفّق عذوبة وحنانًا لا يوصف… إلا أن ما خرق أعماق نفسي كانت ابتسامة العذراء القديسة الخلابة، فتلاشت، عندها، كل غمومي، وسالت دمعتان كبيرتان من مقلتيّ، وتدحرجتا بصمتٍ على وجهي. لقد كانتا دمعتي فرح لا تشوبه شائبة. فقلتُ في نفسي: آه، إنّ العذراء قد ابتسمت لي، فكم أنا سعيدة!».
كما كانت ليلة عيد الميلاد من العام 1886 أروع محطة في حياتها إذ وُهِبَت نعمة عظيمة سمّتها «الارتداد التام». منذ ذلك الوقت، سارت على خطى يسوع المسيح والتزمت بتعاليمه، وعُرِفَت لاحقًا بتريزيا الطفل يسوع.
درب «الطفولة الروحيّة»
في الخامسة عشرة، على الرغم من صغر سنّها ومعارضة والدها، دخلت دير سيّدة الكرمل في ليزيو لتترهّب كشقيقاتها. وكانت مثال الراهبة التقيّة الطاهرة، هي التي «ذابت عطشًا إلى نفوس كبار الخاطئين لانتزاعهم من النيران الأبديّة»، على حدّ قولها.
تسعة أعوام أمضتها تريزيا في الرهبانيّة الكرمليّة، حيث تعرّفت بالعمق إلى يسوع، مردّدة: «سأبقى طفلة ابنة سنتين أمامه دومًا كي يضاعف اهتمامه بي».
بأمرٍ من رئيسة ديرها التي كانت شقيقتها بولين آنذاك، خطّت تريزيا الطفل يسوع بقلمها سيرتها، فكانت «قصّة نفس» التي اختصرت نهجها المتواضع لبلوغ القداسة.
اختبرت تريزيا درب «الطفولة الروحيّة» الذي قادها نحو الآب السماوي بخطوات واثقة وثابتة.
أسلمت تريزيا الروح في 30 أيلول 1897 في ليزيو، بعد إصابتها بمرض السلّ، وهي في الرابعة والعشرين من عمرها، وكانت كلماتها الأخيرة: «يا إلهي، إنني أحبّك!».
أعلن البابا بيوس الحادي عشر تريزيا طوباويّة في 29 نيسان 1923، قبل أن يرفعها قديسة على مذابح الكنيسة في 17 أيّار 1925.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بتذكارها في الأوّل من تشرين الأوّل من كل عام، وقد أعلنتها شفيعة المرسلين في 14 كانون الأوّل 1927.
في الذكرى المئويّة الأولى لوفاتها، أعلنها القديس البابا يوحنا بولس الثاني معلّمة الكنيسة في 19 تشرين الأوّل 1997.
وصفها البابا بيوس العاشر بأنّها من أعظم قدّيسي العصر الحديث، وقال عنها البابا بيوس الحادي عشر إنّها نجمة حبريّته.
———————————————————-
أيتها القديسة تريزيا الطفل يسوع، أمطري نعمك علينا، وانثري ورودك في كل مكان، فيفوح عطر قداستك في العالم، يا مَن وعدتِ بأن تمطري وابل ورود من السماء.