الأب بيتر حنا
أصوم عن الطعام…
لأطعم حريّتي…
وأمتنع عن الغذاء…
لأغذّي إرادتي…
فالصيام غذاء… إنما من نوعٍ آخر.
وهو شراب… إنما من نبعٍ آخر.
أصوم…
أي أموت…
أموت عن الجسد…
أصلبه…
لأقوم… وأحيا للروح…
أموت عن كل ما سيموت لاحقًا ويفنى ترابًا…
وأحيا من أجل كلّ ما سيبقى…
فالصيام موت وحياة…
الصيام صليبٌ وقيامة…
الصيامُ درب جلجثة…
يقوم فيه من يثبتُ إلى المنتهى…
الصيام عودة…
الحياة في أغلبها غربة…
غربةٌ إلى مكان بعيد…
وإن كانت الحياة غربة، فالصيام عودة بعد اغتراب…
هو شوقٌ إلى ذاك الحضن…
عودةٌ إلى الذات…
دموع توبة مُرّة…
أصوم… فأغفر…
أغفر لنفسي أوّلًا
فأخلع عنها عدم استحقاقها…
وألبسها رحمة إلهها…
ومن ثمّ، أغفر لأخي…
لأنني نلتُ الرحمة…
وأضحيت على أهبة الاستعداد لأعطيها…
أصوم… لأَصغر…
وأعطيه أن يكبر…
يكبر فيّ وينمّيني…
أصوم كي أتحرّر…
لأفكّ القيود… لأسير…
لأضع يدي على المحراث ولا أعود أنظر إلى الخلف…
أصوم لأعبر…
من أرض فرعون إلى أرض الميعاد…
من العبوديّة إلى الحريّة… فالصيام حريّة!