إلسي كفوري خميس
حمل المشعل والإرث عن كبار الشعراء، مثل خليل روكز، شحرور الوادي، موسى زغيب، طليع حمدان، فلمع اسمه حتى أصبح أحد الأوائل في جيله.
اهتمّ بتحديث الشعر الزجلي، فاستقطب فئة الشباب، وأعاد لهذا التراث الشعبي ألقه.
في العام 2014، أسّس «فرقة المجد» التي تضمّ جريس نخول ومازن بو غنّام وشقيقه إيلي بو أنطون ليكتب بالمجد أحرف قصائده.
يطمح إلى منافسة الفنّانين والمطربين في حفلاته، ورفع مرتبة الزجل إلى مصاف الطرب.
ابن بلدة القعقور المتنيّة، تشبّع من طبيعتها وهواها موهبةً نقلته من عالم الفندقيّة وفنّ الطهي إلى عالم الشعر وفنّ الزجل.
شارك في برنامج ستوديو الفن، لكن مسيرته الفعليّة بدأت في العام 2003 مع انطلاقته الرسميّة كشاعر يؤدّي الزجل على المسارح برفقة أخيه. كما اشتهر بكتابة المواويل للفنّان اللبناني الشهير وائل كفوري وبعلاقة الصداقة التي تجمعهما.
إنّه الشاعر حبيب بو أنطون الذي يتحدّث لـ«قلم غار» عن مسيرته ونجاحاته بفضل الربّ، على الرغم من طفولة جريحة.
طفولةٌ مجرّحة بالفقدان
لم تكن طفولة حبيب بو أنطون ورديّة. عاش مراهقته يتيم الأمّ بعدما فقدها وهو في الثانية عشرة من عمره. توالت الجراحات… في الخامسة والعشرين، خسر والده. فزاد الفراغ واستحال عذابًا. وسط هذه الآلام، يقول: «إيماننا لم يتزعزع مرّة واحدة، وكنّا نردّد دومًا عبارة “لتكن مشيئتك”. مَن نحن لنرفض إرادة الربّ، فالموت حقّ علينا جميعًا».
يرجع بو أنطون الفضل لوالديه في تنشئته المسيحيّة، هو وشقيقه. ويُخبر: «تحلّى والدي بإيمان كبير، وكان يصلّي كثيرًا. تربّينا، أنا وأخي، في كنف عائلة ملتزمة دينيًّا، ومؤمنة إلى أقصى الحدود، تُبشّر بيسوع حتى إنّنا كنّا نُعاقَب عندما نطلق الشتائم». ويضيف: «البيت مدرسة. كان والدي يقرأ لنا الكتب والقصص التي تتحدّث عن يسوع، وعن حياته وصلبه. العائلة شكّلت أساسًا لما وصلنا إليه من إيمان وحبّ لله».
التزام وتسليم لإرادة الله
يروي بو أنطون كيف يتجلّى الربّ في حياته، فيقول: «في كل يوميّاتي وحفلاتي وأعمالي، أتّكل على الله وحده. عندما أخرج من المنزل، أطلب منه التوفيق والمساعدة. حينما أرجع إليه، أشكره على ذلك، وبخاصة عندما أشهد نجاح حفلاتي».
يتابع: «كل خطوة أخطوها، أنطلق فيها من إيماني. الربّ موجود معي في كل لحظة. هو أعطاني الوزنات، وأنا استطعت الاستفادة منها إلى أقصى حدّ، ونمّيت الموهبة التي وهبني إيّاها».
يتحدّث بو أنطون عن التزامه في الكنيسة إذ كان خادمًا في حضنها، في صغره، لمدّة اثني عشر عامًا. كان عازفًا على الأورغ ومرنّمًا في جوقة الرعيّة. يقول: «الوقت لم يعد يسمح لي بالاستمرار بهذا الالتزام بسبب عملي وحفلاتي. أصلّي عندما يتسنّى لي. وأتضرّع بالأخص لمار شربل والعذراء مريم، فهما شفيعاي لدى الربّ يسوع»، وقد كتبت لهما قصيدتين “ختيار عنّايا”، و”إمّي يا عدرا”».
ويستطرد قائلًا: «عند أيّ عائق، أصلّي وأطلب من الربّ التدخّل. أشعر مرارًا بأنّ المنافذ فُتحت أمامي، وبأنّ أموري تيسّرت من دون أن أعي ذلك. وأحيانًا لا تُستجاب صلواتي، لكنني أعتقد أنّ ذلك لخيري ولمصلحتي».
موهبة تُزهِر إبداعًا
صحيح أنّ الزجل مرّ في فترة ذهبيّة بين الستينيّات والثمانينيّات قبل أن يخفت بريقه لكن الشاعر حبيب بو أنطون يؤكد أنّه استطاع إعادته إلى المنابر والمسارح. يقول: «أفتخر بأنّني وجوقتي استطعنا أن نجذب جيل الشباب إلى الزجل بفضل تطويرنا له من خلال الردّات القصيرة ليتماشى مع عصرنا الحالي. ونتفاجأ في الحفلات بأنّ معظم جمهورنا مؤلف من الشباب والشابات في العشرينات والثلاثينات».
نمت موهبة بو أنطون بفضل والده الشاعر. يخبر بأنّه كان دائمًا يستمع إلى الزجل في المنزل لكن طريق الاحتراف لم تكن سهلة. ويردف: «واجهنا مشقات وصعوبات لكي نبرز ونعيد للزجل جمهوره ومستمعيه، ولا سيّما أنّ اللون الذي نؤدّيه صعب وقديم، وليس من السهل أن نروّج لمثله في هذا العصر إلا أنّ الله وفّقني وأعدت للزجل بريقه ومجده».
نجاحات وشكر لله
يتحدّث بو أنطون بغبطة عن نجاحاته الكبيرة التي حققها طوال السنوات الماضية وفي السنة الحاليّة، مشيرًا إلى إحيائه وفرقته 55 حفلة، فضلًا عن 5 حفلات مقبلة. وقد شملت كل البلديات والمهرجانات، وكذلك كازينو لبنان حيث ناهز عدد الحضور، في صالة السفراء، قرابة 600 شخص. ويستطرد قائلًا: «ليس من السهل أن يحضر هذا العدد، بخاصة في هذه الظروف التي نعيشها. أشكر الله على محبّة الناس لي، فلا نعمة أكبر من حبّهم».
يفضّل بو أنطون أن يبقى خارج ملعب كتابة الأغاني لفنّانين، لأنّ المطرب، كما يشرح، «يحتاج للاستماع إلى عشرات الأغنيات لكي يختار أغنية أو اثنتين، وحفلاتي تستغرق وقتًا، بخاصة أننا نعدّ قصائد مؤلفة من حوالى 300 سطر ونحفظها».
عن حفلاته المستقبليّة، يشير الى أنّها تشمل رحلة إلى الأردن في الخامس والعشرين من تشرين الأوّل المقبل، وأخرى إلى أستراليا في كانون الأوّل المقبل، ورحلة ثالثة إلى كندا في الشهر الخامس من السنة الجديدة.
ينهي بو أنطون حديثه عبر «قلم غار» بشكر الربّ على نِعَمِه ومواهبه وصحّته. خاتمًا: «الله أعطاني أكثر ممّا أستحق لكن الإنسان بطبيعته يطمح دائمًا إلى الأفضل. وطالما أنّ الله أغدق عليّ نعمة الموهبة، والصحّة، والقدرة على الاستمرار، فسأسعى حتمًا إلى تحقيق مزيد من النجاحات، ورفع مرتبة الزجل إلى مصاف الطرب والنجوميّة».