“خاطَبَهُم بيلاطُسُ ثانِيَةً لِرَغْبَتِه في إِطلاقِ يسوع. فصاحوا: اِصلِبْهُ، اصلِبْه! فقالَ لَهم ثالثةً. فأَيَّ شَرٍّ فَعَلَ هذا الرَّجُل؟ لم أَجِدْ سَبَبًا يَستَوجِبُ به الموت، فسأُعاقِبُه ثُمَّ أُطلِقُه. فأَلَحُّوا علَيه بِأَعلى أَصواتِهِم طالبينَ أَن يُصلَب، وَاشتَدَّ صِياحُهم. فقَضى بيلاطُسُ بِإِجابَة طَلَبِهم” (لو 23: 20-24).
أشبه بَرأَبَّا أكثر من المسيح
“تتردّد مرّات عديدة في المحاكم والصحف تلك الصرخة: اصلبه، اصلبه!… صرخة سمعتُها أيضًا في حقّي: حُكم عليّ مع والدي بالسجن المؤبّد”، يخبر السجين الإيطالي.
“بدأ صلبي عندما كنت طفلًا: أجد نفسي جاثمًا في الحافلة التي تأخذني إلى المدرسة، مهمّشًا بسبب تلعثمي في الكلام، وفقيرًا في علاقاتي مع الآخرين.
بدأت العمل في عمر مبكر، ولم أتمكّن من متابعة الدراسة، وسيطر الجهل على سذاجتي. ثم سرق التنمّر ومضات الطفولة من ذلك الطفل المولود في كالابريا في السبعينات.
أنا أشبه بَرأَبَّا أكثر من المسيح لكن الإدانة الأكثر شراسة ما زالت إدانة ضميري لي: في الليل، أفتح عينيّ، وأبحث بيأسٍ عن نور يضيء قصّتي”.
بحث عنّي كي يعلّمني كيف أحيا
ويقول المحكوم بالسجن المؤبد: “عندما أعيد، في زنزانتي، قراءة صفحات آلام المسيح، أنفجر بالبكاء: بعد تسعة وعشرين عامًا في السجن، لم أفقد بعد القدرة على البكاء، والخجل من تاريخي الماضي والشرّ الذي ارتكبته.
أشعر بأنني بَرأَبَّا وبطرس ويهوذا في شخص واحد. يشعرني الماضي بالاشمئزاز، على الرغم من أنها قصّتي.
لقد عشت سنوات تحت نظام المادّة 41-مكرّر (مادّة من قانون السجون الإيطاليّة)، وتوفّي والدي تحت هذا النظام نفسه.
سمعته مرّات عدّة يبكي ليلًا في زنزانته؛ كان يبكي سرًّا لكنني أدركت ذلك. كلانا كان في الظلام الدامس. لكن في تلك اللاحياة، كنت أبحث دائمًا عن شيء يحملُ في ذاته الحياة: من الغريب أن أقول ذلك، لكن السجن كان خلاصي.
إن كنتُ ما زلت بَرأَبَّا بالنسبة لأحدهم، فلن أغضب… أشعر في قلبي بأن ذلك الإنسان البريء، المحكوم عليه مثلي، جاء للبحث عنّي في السجن كي يعلّمني كيف أحيا!”
ويرفع المحكوم بالسجن المؤبّد الصلاة إلى الربّ يسوع، قائلًا:
“أيها الربّ يسوع، على الرغم من الصراخ والصخب الذي يلهينا، إننا نلمحك بين حشود الذين يصرخون بضرورة صلبك. وربما نحن أيضًا من بينهم، غير مدركين الشرّ الذي يمكن أن نفعله. من زنزاناتنا، نريد أن نصلّي لأبيك من أجل الذين حُكِمَ عليهم بالموت مثلك ومن أجل الذين ما زالوا يريدون أن يأخذوا مكانك في الدينونة الأخيرة”.
“قلم غار” ينشر اختبارات تُرجمت من اللغة الإيطاليّة، وكتبها أشخاص اختبروا آلام الربّ الخلاصيّة، وتُليت تأملاتهم في درب الصليب الذي ترأسه البابا فرنسيس في الفاتيكان في الجمعة العظيمة في العام 2020.