“ساقَه الجُنودُ إِلى داخِلِ الدَّار، دارِ الحاكِم، ودَعَوا الكَتيبَةَ كُلَّها، وأَلبَسوهُ أُرجُوانًا، وكَلَّلُوه بِإِكليلٍ ضَفَروه مِنَ الشَّوْك، وأَخذوا يُحَيُّونَه فيَقولون: السَّلامُ علَيكَ يا مَلِكَ اليَهود! ويَضرِبونَه بِقَصَبَةٍ على رَأسِه ويَبصُقونَ علَيه، ويَجْثونَ له ساجدين. وبَعدما سَخِروا مِنهُ نَزَعوا عنه الأُرجُوان، وأَلبَسوه ثيابَه وخَرَجوا به لِيَصلِبوه” (مر 15: 16-20).
وقعنا ضحايا أسوأ ألم في الوجود
“في خلال ذاك الصيف الرهيب، انتهت حياتنا كأبوين مع حياة ابنتينا. إحداهما قُتِلَت مع صديقة حميمة لها بسبب عنف رجلٍ من دون رحمة، والأخرى التي نجت بمعجزة، حُرِمَت من ابتسامتها إلى الأبد”، يخبر الوالدان اللذان قُتلت ابنتهما.
“حياتنا كانت حياة تضحية، تقوم على العمل والأسرة. لقد علّمْنا ابنتينا احترام الآخرين وقيمة خدمة الفقراء. كثيرًا ما نسأل أنفسنا: لماذا أصابنا هذا الشرّ، نحن بالذات؟ لا نحظى بالسلام، ولا حتى العدالة التي آمنّا بها على الدوام، كانت قادرة على تخفيف جراحنا العميقة: حُكِمَ علينا بالمعاناة حتى النهاية.
لم يخفّف الوقت من ثقل الصليب الذي وضعوه على أكتافنا: لا يمكننا أن ننسى مَن لم يعد موجودًا اليوم. كبرنا في السنّ، وضُعفُنا يزداد باستمرار. وقعنا ضحايا أسوأ ألمٍ يعرفه الوجود: الاستمرار بالعيش بعد وفاة ابنتنا”.
في لحظات اليأس، يأتي الربّ لملاقاتنا!
ويقول الوالدان اللذان قُتلت ابنتهما: “من الصعب أن نفهم لكن في اللحظة التي يبدو فيها أن اليأس يسيطر، يأتي الربّ لملاقاتنا بأساليب مختلفة، ويمنحنا كزوجين النعمة ليحبّ أحدنا الآخر، فيدعم أحدنا الآخر وإن بصعوبة.
إنه يدعونا إلى إبقاء باب منزلنا مفتوحًا أمام الضعفاء واليائسين، واستقبال الذين يطرقون بابنا حتى من أجل طبق حساء وحسب.
لقد جعلنا وصيّة المحبّة وصيّتنا، فوجدنا فيها طريق الخلاص: لا نريد الاستسلام للشرّ.
في الواقع، محبّة الله قادرة على تجديد الحياة لأن ابنه يسوع قد اختبر الألم البشريّ قبلنا، ليستطيع أن يشفق علينا”.
ويرفع الوالدان اللذان قُتلت ابنتهما الصلاة إلى الربّ يسوع قائِلَيْن:
“أيها الربّ يسوع، يؤلمنا كثيرًا أن نراك وهم يضربونك، ويسخرون منك، ويجرّدونك من ثيابك، وأنت ضحيّة بريئة لوحشيّة لاإنسانية. في ليلة الألم هذه، نتوجّه بتوسّلنا إلى أبيك السماويّ كي نعهد إليه بكلّ الذين يعانون من العنف والظلم”.
“قلم غار” ينشر اختبارات تُرجمت من اللغة الإيطاليّة، وكتبها أشخاص اختبروا آلام الربّ الخلاصيّة، وتُليت تأملاتهم في درب الصليب الذي ترأسه البابا فرنسيس في الفاتيكان في الجمعة العظيمة في العام 2020.