أسرة تحرير «قلم غار»
رفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في خلال ترؤسه اليوم قداسًا إلهيًّا في كابيلا القيامة-بكركي، الشكر لله على القرار الأميركي-الفرنسي بوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان لمدّة 60 يومًا، آملًا أن يصبح سلامًا دائمًا.
ورجا الراعي أن يتمكّن لبنان وإسرائيل من تنفيذ نصّ وقف الأعمال العدائيّة ببنوده الـ13 التي تشكّل التفاهمات بين إسرائيل ولبنان والتي حدّدتها الولايات المتحدة الأميركيّة لتنفيذ هذه البنود كاملة بنصّها وروحها.
وجاء في عظة الراعي ما يأتي:
«قامت مريم وذهبت مسرعة إلى بيت إليصابات» (لو 1: 39-40)
1.حالًا بعد بشارة الملاك لمريم، وقد أعلمها بأنّ إليصابات نسيبتها حامل في شيخوختها وهي في شهرها السادس، سافرت مسرعةً من الناصرة إلى بيت كارم، لتخدم إليصابات على مدى ثلاثة أشهر، ولكي تتأمّل معها في سرّ ما أوحى الله لهما، ولكي ترفعا معًا نشيد المجد والتسبيح لله.
تحتفل الكنيسة اليوم ليتورجيًّا بعيد زيارة مريم لإليصابات المنتظرة ولدًا، بعدما تقدّمت في السنّ وكانت عاقرًا، وولدها هو يوحنا السابق والمعمّد. ونحتفل عالميًّا باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهذا اليوم يُحتفل به في الثالث من شهر كانون الأوّل. وقد وجّه في المناسبة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة بموضوع اليوم العالمي: «تعزيز قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة لمستقبل شامل ومستدام». أمّا شعار هذا اليوم فهو: «لا شيء عنّا بدوننا».
2.يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا في هذه الليتورجيا الإلهيّة. وأوجّه تحيّة إلى مكتب «راعويّة ذوي الإعاقة» في الدائرة البطريركيّة، بتنسيق المرنّمة داليا فريفر وفريق العمل ومرشد المكتب الأب ميلاد سقيّم المرسل اللبناني، شاكرًا إيّاهم على تنظيم هذا القداس. وأوجّه أيضًا تحيّة خاصّة للجمعيّات التي تُعنى بذوي الإعاقة، وأرحبّ بجميع الحاضرين معنا.
3.نشكر الله على القرار الأميركي-الفرنسي بوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان لمدّة 60 يومًا، ونحن نأمل أن يصبح سلامًا دائمًا. ونخصّ بالشكر جميع الذين عملوا لبنانيًّا ودوليًّا من أجل وقف النار. ونهنّئ سكان ضاحية بيروت وصور والجنوب وبعلبك وسواها الذين عادوا على الفور إلى بيوتهم ومناطقهم، وفي قلوبهم غصّة كبيرة على الذين قُتلوا من عائلاتهم، والذين دُمّرت بيوتهم. ونشكر جميع الذين استقبلوهم في مناطقهم وسهّلوا لهم إقامتهم. ونعبّر عن امتناننا للدول الشقيقة والصديقة على تضامنهم وإرسالهم المساعدات اللازمة، وللمؤسّسات الخيريّة التي تفانت في خدمتهم، وللجيش اللبناني الذي ضحّى ببعض عناصره، الدفاع المدني على حضوره ومواجهة النار وقد خسر بعضًا من عناصر.
ونأمل أن يتمكّن لبنان وإسرائيل من تنفيذ نصّ «وقف الأعمال العدائيّة» ببنوده الـ13 التي تشكّل التفاهمات بين إسرائيل ولبنان والتي حدّدتها الولايات المتحدة الأميركيّة لتنفيذ هذه البنود كاملة بنصّها وروحها. فنرجو أن تسلم الأوضاع في كلّ من إسرائيل ولبنان، ويعيشا بسلام وفقًا لهدنة 1949.
4.عيد زيارة العذراء مريم لإليصابات هو بشرى الإنجيل التي حملتها مريم لتشرك بها إليصابات، ولتخدمها طوال ثلاثة أشهر حتى مولد يوحنا. وهكذا جعلت خبر الإنجيل المفرح مترجمًا في الخدمة.
كتب البابا فرنسيس في الإرشاد الرسولي «فرح الإنجيل» (4، تشرين الثاني 2013): «فرح الإنجيل الذي يملأ قلوب جميع الذين يلتقون يسوع وحياتهم، هو فرح إرسالي» (فقرة 1 و21). ويخصّ الشعب كلّه، ولا يُمكن أن يُقصى أحدٌ عنه. هذا ما أعلنه الملاك لرعاة بيت لحم: «أبشّركم بفرح عظيم، يكون للشعب كلّه» (لو 2: 10). وهذا ما رآه يوحنّا في رؤياه: «ورأيتُ ملاكًا طائرًا في كبد السماء، ومعه الإنجيل الأبدي ليبشّر به القاطنين في الأرض، وكلّ أمّة وقبيلة ولسان وشعب» (رؤ 14: 6). هكذا فعل الربّ يسوع وهو «يطوف المدن كلّها والقرى يعلّم في مجامعهم، ويكرز بإنجيل الملكوت، ويشفي الشعب من كل مرض وكل علّة» (مت 9: 35).
ويكتب البابا فرنسيس: «من الحيوي اليوم أن تخرج الكنيسة لتبشّر الجميع بالإنجيل، في كل مكان، وفي كل المناسبات، بدون تردّد ولا قنوط ولا خوف … «الكنيسة المنطلقة» هي جماعة التلاميذ المرسلين الذين يأخذون المبادرة ويلتزمون ويرافقون ويأتون بالثمار» (فرح الإنجيل، 23 و24). رسالتهم أن يزرعوا فرح المسيح في قلوب جميع الناس.
بنتيجة زيارة مريم لإليصابات، كانت ثمار روحيّة وافرة هي: امتلاء إليصابات والجنين يوحنا في بطنها من الروح القدس؛ هُتاف إليصابات النبويّ المثلّث: إذ حيّت مريم «مباركة بين النساء ومباركة ثمرة بطنها»، وحيّتها «كأمّ ربّها»؛ وعظّمت إيمانها بالقول: «طوبى لتلك التي آمنَت» (راجع لو 1: 41-45).
5.بالعودة إلى اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، نقرأ في رسالة الأمين العام للأمم المتحدة: «يذكّرنا الاحتفال باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة هذا العام بأنّنا بحاجة إلى الروح القياديّة للأشخاص ذوي الإعاقة أكثر من أيّ وقت مضى. هؤلاء والأشخاص يتحمّلون فعليًّا وبشكل غير متناسب وطأة الأزمات التي تعصف بعالمنا -من نزاعات وكوارث مناخية وفقر ولامساواة- بسبب استمرار التمييز والحواجز التي تحول دون حصولهم على الحقوق والخدمات الأساسيّة».
6.ولا بدّ من التنويه بما قام به مكتب راعويّة ذوي الإعاقة في الدائرة البطريركيّة من نشاطات مشكورة منذ تأسيسه في شهر شباط الماضي حتى اليوم، ولكلّ نشاط عنوان مثل: معًا نسير، معًا نشهد، معًا نبني، معًا نتشارك، معًا نفرح، عينك عا وطنّا، معًا نصلّي في قدّاس اليوم، معًا نناضل في محطّة تلفزيونيّة مع نور سات يوم الثلاثاء المقبل وهو اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة.
7.فلنُصَلِّ اليوم، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، شاكرين الله، على «وقف الأعمال العدائيّة بين إسرائيل ولبنان»، راجين من العناية الإلهيّة جعله وقفًا دائمًا يحلّ معه سلام دائم وشامل وعادل، ونسأل الله أن يبارك الأشخاص ذوي الإعاقة ويومهم العالمي، وأن يكلّله بالنجاح. ونلتمس أن تكون زيارة العذراء مريم لإليصابات زيارةً الكلّ بيت وعائلة وللبنان، بحيث ينعم بالفرح وبحضور الروح القدس، له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين.
———————————————————-
تجدر الإشارة إلى أنّ الراعي سيشارك الأحد المقبل في احتفال تدشين كاتدرائيّة نوتردام في باريس، بدعوة خاصة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد إعادة ترميمها.