غيتا مارون
تاريخ الكنيسة المارونيّة زاخرٌ بسير قديسين وطوباويين سطّروا المجد بأحرف من نور. من كوكبة هؤلاء العمالقة، يبرز اسم الطوباوي اللبناني البطريرك مار إسطفان الدويهي، صانع مجد الموارنة.
بكلماتٍ نابعة من الأعماق، يسلّط بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الضوء عبر «قلم غار» على دور البطريرك الإهدني الذي لا يتكرّر في تاريخ الكنيسة المارونيّة، متأمّلًا في أمانته للربّ.

منارة علم وقداسة
يؤكد الراعي أنّ «الطوباوي مار إسطفان الدويهي هو أهمّ بطريرك في تاريخ الكنيسة المارونيّة».
ويضيف: «كان منارة علم وقداسة. نحن نتّخذ من شخصيّته الكبيرة قدوةً لنا. فهو عاش في قنّوبين، حيث تعرّض للاضطهاد، وهرب من مكان إلى آخر. هذا البطريرك لم يأتِ مثله، ولن يأتي مثله. علّمنا كيفيّة عيش الأمانة للربّ والكنيسة».
دور الموارنة في الماضي
إلى ذلك، يشدّد الراعي على أنّ للموارنة دورًا كبيرًا في تاريخ الشرق، منذ انطلاقتهم مع القديس مارون، مرورًا بمحطات بارزة طبعت مسيرتهم الروحيّة والوطنيّة.
ويشرح: «مسيرة الموارنة تواصلت مع تلاميذ مار مارون الذين اختاروا نهج النسك والتقشّف، وبرزوا في مجمع خلقيدونية عام 451 حيث أعلنوا تمسّكهم بالعقيدة الكاثوليكيّة ووقفوا إلى جانب البابا لاوون الكبير. وقد كافأهم الإمبراطور الروماني حينها بمنحهم ديرًا على ضفاف نهر العاصي. من ثم، شُيِّدَت سلسلة أديار».
ويتابع: «في العام 686، انتخب المطارنة الموارنة يوحنا مارون أوّل بطريرك على أنطاكية، فبدأت البطريركيّة المارونيّة مسارها المستقل عن روما. لكن مع دخول الإسلام إلى المنطقة، تعرّض الموارنة للاضطهاد، فاضطرّوا إلى النزوح من سوريا والاستقرار في لبنان، حيث كتبوا تاريخهم ورسّخوا حضورهم الروحي والثقافي والوطني».
ويردف: «لبنان يحتضن الكرسي البطريركي والقديسين. وأصبح للموارنة حضور أساسي في نسيج الوطن». ويذكّر بدور البطريرك الياس الحويّك الذي مثّل المسيحيين والمسلمين في مؤتمر فرساي عام 1919، مطالبًا بإنشاء دولة لبنان الكبير.
دور الموارنة في الحاضر والمستقبل
في ما يتعلّق بدور الموارنة في الحاضر والمستقبل، يؤكد الراعي أنّ مسؤوليّة الموارنة اليوم تكمن في أنّ لبنان وطنهم، وفي أنّ ولاءهم له، لكنّهم بحاجة إلى وحدة الرأي والتفكير.
ويشدّد على أنّ دور الموارنة كبير في لبنان وخارجه، مع انتشار الأبرشيّات في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينيّة وفرنسا وأستراليا وأفريقيا، حيث يبرز المطارنة الموارنة القادة الروحيين الأقوى في العالم. ويعتبر أنّ هذا الامتداد هو ثمرة نعمة مار مارون.
ويختم الراعي إجابته المتعلّقة بهذا المحور، مشيرًا إلى وجوب أن يواصل الموارنة أداء دورهم في الحاضر والمستقبل. ويخلص إلى القول: «الموارنة ما زالوا الأقوى في لبنان، لكن ما يضعفهم هو الانقسام السياسي، لا العقائدي. ما نحتاج إليه هو القليل من التواضع، والجلوس معًا للتحاور».
تجدر الإشارة إلى أنّ حديث الراعي مقتطفات من مقابلة خاصة وحصريّة تُنشر قريبًا عبر «قلم غار».

بين الأمس واليوم، يبرز الطوباوي الدويهي منارة علم وقداسة تجسّد معاني الأمانة الأبدّية للربّ والكنيسة. وقد سلّم الوديعة المقدّسة إلى البطاركة الموارنة.
وفي خضمّ واقع محفوف بالتحدّيات، يدعو الراعي عبر «قلم غار» الموارنة إلى الاستلهام من الماضي المجيد للكنيسة المارونيّة ليصنعوا حاضرًا مشرقًا يعكس إرثهم الروحي ويؤكد مكانتهم الرياديّة في لبنان والعالم.
———————————————————-
إنّ موقع «قلم غار» الذي منحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي البركة البطريركيّة في 16 نيسان 2025 يرفع الصلوات من أجله، متمنّيًا له الشفاء العاجل.
———————————————————-
———————————————————-
«قلم غار» موقع رائد في كتابة شهادات الحياة الملهمة، ينقل اختبارات مؤمنين رُصّعت حياتهم بانتصارات مكلّلة بالغار، ويتناول أخبار الكنيسة الجامعة، مع إضاءات حصريّة وموثّقة وموثوقة ووافية وآنيّة. تخطّى حدود الوطن إلى العالميّة. نال بركات أبويّة وبطريركيّة وحبريّة.
يسعى موقعنا منذ انطلاقته، ولا سيّما في النقلة النوعيّة التي جعلته يحتلّ المراتب الأولى في التغطيات الحصريّة عام 2024، إلى إعلاء صوت مسيحيي الشرق المتألمين وإيصال البشرى حتى أقاصي الأرض.
———————————————————-