آمال شعيا
سارة فضول هنداوي، أمّ وجدّة، تطلّ عبر “قلم غار” كي تنقل لنا خبرة حياتها مع الربّ، وما طبعته في أعماقها من وجدانيّات ترفعها بنور المسيح حدود السّماء…
عظيمة أعمالك يا ربّ!
انطلقنا في حوارنا مع سارة المعروفة في محيطها باسم أنطوانيت، نسألها عن حضور الله في حياتها، فتجيبنا قائلة: “إنّني ألمس حضور الربّ في حياتي، من خلال كلّ ما يحيط بي، ألمسه في وجه زوجي ووجوه بناتي وأصدقائي، وفي وجه كلّ من يحبّني، لكنني أتنفّس حضوره أكثر فأكثر عندما أكون في الجبل، عند الصّباح الباكر، أصلّي، والصّمت يملأ المكان من حولي، وأنا أنظر عبر نافذتي، أتأمّل ملامح الربّ، السّاكنة في عناصر الطّبيعة مجتمعة، فأسمع صوته وهو يخاطبني من خلال جماليّاتها، فيأخذني خشوعي إلى الإبحار أكثر في صلاتي، فأرى الجبل العالي، والأشجار الخضراء تنحني عند قدميه، وطيور السّماء تغرّد من حوله. وبعدها، أسافر حدود البحر أتأمّله، فأنبهر وأنحني والدّمع يغمرني، وأصرخ ابتهالًا: “ما أعظم أعمالك، يا ربّ، بحكمة صنعت كلّ مخلوقاتك، لك مني كلّ المجد والتّسبيح!”
وتتابع سارة: “عندما تحبّ يسوع من كلّ قلبك وعقلك وروحك، من دون انقطاع، فلا يمكنك إلا أن تبصر وجهه الحبيب، من خلال أصغر الأشياء، حتّى أكبرها، فهو من أحبّنا حتّى حدود أنّه تجسّد وصار إنسانًا، صلب، مات وقام من أجلنا نحن الخطأة”.
وصيّة أمّي
وفي الحوار مع سارة، تخبرنا عن أمّها، وماذا رسّخت في كيانها من قيم سامية، فتقول: “أتذكّر باستمرار صورة أمّي المحفورة في ذاكرتي، راكعةً على قدميها تصلّي وتتضرّع إلى اللّه، ومن ثمّ تروح وتحاورنا عن كيفيّة التّسلّح بكلمة الربّ، وأهميّة المحافظة على طهر قلوبنا، وبعدها توصينا بأن لا نحكم على أحد، حتّى ولو ارتكب أمامنا السّوء وكانت سيرة حياته غير حسنة، فالربّ وحده يجازي كلّ إنسان على أفعاله، ونحن يبقى صلب رسالتنا الأسمى على هذه الأرض، قائمًا على تجسيد فعل المحبّة لا سواه. وعندما تزوّجت، قمت بدوري بغرس وصيّة أمّي في أذهان بناتي، واليوم أسعى إلى ترسيخها في فكر أحفادي على الرغم من كلّ التّحدّيات”.
سلام الربّ يشفي جراحي
وتضيف سارة: “إنّ كلّ إنسان يواجه المشاكل في حياته، وعندما أتعرّض بدوري لتجربة ما، تأتي أوّلًا جارتي وتحاول التّخفيف عنّي، ومن ثمّ تقف عائلتي بدورها إلى جانبي من أجل مساعدتي ومحاولة الإصغاء إليّ، ولكن أيقنت عن نور معرفة، أنّ من خلال الصّلاة والصّوم وحدهما أستطيع أن أتخطّى كلّ العقبات.
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المشاكل ربّما لا تزول بشكل نهائي، ونحن نتعرّض لها على الدّوام، إنّما سلام ربّي، وهو يلامس روحي وكياني، يشفي كلّ جراحي، ويجعلني أنتصر على كلّ شدة. كما أنّ الربّ يسوع يؤكّد في إنجيله، من خلال ما قاله وصنعه، أنّنا نتجاوز كلّ المحن، بقوّة الإيمان والصّلاة، لذا أسعى باستمرار إلى تثبيت ثقتي باللّه المعزّي في وقت الضّعف، على غرار القدّيسين، كما أحاول أن أركّز أنظاري إلى الفرح الّذي ينتظرنا عندما نلقاه في المجد الآتي والأبديّ”.
أشكرك على عدد الثواني!
وتشكر سارة الربّ، قائلة: “إنّني أحمد الله على عدد الثّواني، فصلاة شكري حاضرة في ضميري وأمام نظري في كلّ حين، أشكره من كلّ قلبي على عائلتي، وأحبّائي، وصحّتي، وكلّ إنسان مؤمن جعلني ألتقيه في عمري، فأبصر وجهه الطّاهر من خلاله.
أكثر ما أشكر اللّه عليه هو أنّني مسيحيّة نالت نعمة الروح القدس، ومن ثمّ أشكر إلهي على أنّه يقبلني في ضعفي، ويساعدني كي أتوب عن خطيئتي، فاستحقّ عندئذٍ أن أتناول جسده ودمه. ومن صلوات الشّكر التي أحبّها أيضًا، ونتلوها في كنيستنا الأمّ، في خلال زمن الصّوم المبارك، صلاة للقدّيس أفرام السّرياني تُسمّى صلاة النّوم الكبرى، نتشارك المقطع الأخير منها، قائلين:
“أيّها الربّ وسيّد حياتي، أعتقني من روح البطالة والفضول، وحبّ الرّئاسة والكلام البطّال، وأنعمّ عليّ أنا عبدك الخاطئ بروح العفّة، واتضاع الفكر والصّبر، والمحبّة. نعم، يا ملكي وإلهي، هب لي أن أعلم ذنوبي وعيوبي، وأن لا أدين إخوتي، وأنّك مبارك إلى أبد الأبدين. آمين”.