غيتا مارون
لقاءٌ مفعمٌ بالبركات جمع البطل اللبناني مايكل حداد بالبابا فرنسيس في الفاتيكان، سائلًا بركته من أجل إتمام تحدّي السفر مئة كلم في القطب الشمالي، وحاملًا رسالة مهمّة إلى الإنسانيّة من أجل تسليط الضوء على أهميّة الأرض والمناخ.
“صلِّ لأجلي في القطب الشمالي!” عبارة مؤثرة قالها البابا للبطل اللبناني، فسكنت أعماقه ومنحته القوّة وحفّزته على التأمّل.
في ختام اللقاء، قدّم مايكل للبابا أرزة من لبنان، وأهدى كريم عبد الله، عضو مجلس إدارة تيلي لوميار، الأب الأقدس صورة تمثّل انفجار مرفأ بيروت وعليها صورة مريم العذراء التي تحلّ العقد، طالبًا منه الصلاة على نيّة لبنان.
قصّة صانع المستحيل
مايكل حداد، محترف رياضات التحمّل، وسفير إقليمي للنوايا الحسنة لدعم إجراءات التصدّي للآثار السلبيّة لتغيّر المناخ في المنطقة العربيّة وحول العالم، وخطيب، وحامل رقم قياسي في الرياضة، ورائد اجتماعي في القضايا المتعلّقة بالعلوم والابتكار لذوي الاحتياجات الخاصة، يخبر “قلم غار” عن مسيرة مفعمة بالتحدّيات والانتصارات والتمسّك بالإيمان الثابت.
هكذا حوّلتُ الإعاقة إلى طاقة…
“عندما كنت أبلغ من العمر 6 سنوات، تعرّضت لإصابة في العمود الفقري، من جراء حادث ارتطام الزلاجة المائيّة بحائط المارينا في البحرين، ما أدّى إلى إصابة النخاع الشوكي في الفقرات الممتدة من الثانية إلى الخامسة، فأصبت بالشلل من الصدر إلى أسفل الرجلَيْن”، يخبر مايكل.
“إن الحادث الذي تعرّضت له جعلني أخسر 75 % من وظائفي الحركيّة، لكنني ابتكرت طريقتي الخاصة لأتنقّل بشكل مستقل: أرتدي الجهاز التقويمي الذي يساعدني على الوقوف بالطريقة التي أعتمدها للمشي، وأدفع بجسمي إلى الأمام؛ تحدّيت العقبات وعجزي عن المشي، وتمكنت من الوقوف وتحقيق التوازن، والقيام بالخطوة الأولى، فحوّلت الإعاقة إلى طاقة إيجابيّة وأداء متميّز، ونجحت في تحقيق أرقام قياسيّة لم يستطع أيّ مصاب بحالة مماثلة القيام بها”.
صنعتُ المستحيل لأنني تمسّكتُ بإيماني!
ويقول مايكل: “في العام 2013، حملت أرزة لبنان، ومشيت من أرز بشرّي إلى أرز تنّورين، حاملًا رسالة متجسّدة في نقاط ثلاث: الأنا، والـ”نحن”، والهويّة…
لا مستحيل مع الإيمان والإرادة؛ إذا آمنّا بأنفسنا، وقدرتنا على تخطّي صعوباتنا بقوّة الربّ، يمكننا تخطّيها!
علّمتني تجربتي الشخصيّة أنني قادر على صنع المستحيل إذا ما تمسّكت بالإيمان، لكنه غير كافٍ وبحاجة إلى قرار ثابت ومثابرة، حينئذٍ، نكسر الحواجز التي تعيقنا عن تحقيق أهدافنا…
كان من المستحيل أن أمشي، لكنني مشيت 60.000 خطوة حاملًا الأرزة، بالتعاون مع الجيش اللبناني والمغاوير كي أوصل رسالتين: الإيمان والإرادة، والأرزة…
في ما يتعلّق بالـ”نحن”، كهويّة لبنانية، ليس النجاح مهمًّا للفرد فقط، بل يتوجّب على كل إنسان أن يعمل على إعادة تموضع الهويّة اللبنانية ليوصل رسالته إلى العالم…
كما صنعتُ المستحيل، يمكننا أن نجعل هويّتنا تتخطّى المستحيل… لقد مشيت آلاف الخطوات، وزرعت الأرزة في نقطة مرتفعة لأقول إن الارض جزء من هويّتنا، من مفهوم الـ”نحن”…
إذا ما وجد الإنسان هويّته الفعليّة، عليه أن يجدها في أرضه، وهويّته، وليس فقط في نفسه”.
الروح القدس يعلّمنا
ويضيف مايكل: “الحياة مدرسة، والروح القدس يعلّمنا؛ في قلب كل واحد منا، تكمن المعلومات والحقيقة، نحن على صلة بالعالم والمخلوقات، ويمكننا أن نوصل الرسالة التي نؤمن بها.
من أبرز التحدّيات التي قمت بها تسلّق صخرة الروشة لتحويل رمزيّتها من الموت إلى الحياة، بمساعدة الجيش وتدريبه…
نعم، يستطيع الإنسان أن يغيّر مصيره! لقد تحدّيت الشلل، وتسلّقت صخرة الروشة، وحملت العلم اللبناني إلى أعلى قمم لبنان!
مشيت من أرز بشرّي إلى أرز تنورين ثم حملت التحدّي إلى القرنة السوداء، ورسالتي: الأرض، والهويّة، والإنسان”.
هدفي الإضاءة على قوّة الإنسان
ويرفع مايكل الشكر إلى الربّ قائلًا: “أحمد الله على عطاياه الكثيرة؛ الحياة جميلة، وكل الأشياء في متناول يدنا، إلا أننا لا نعرف كيفية عيش إنسانيّتنا، والمهمّ أن ندافع عنها”…
ويختم مايكل مؤكدًا أن الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه يتمثّل في الإضاءة على قوّة الإنسان إذ منحه الله القدرة كي يتخطّى كل الأمور بالإيمان والإرادة الصلبة.