إليكم توصيات مؤتمر “البابا يوحنا بولس الثاني ولبنان الرسالة” الذي سلّط الضوء على دور لبنان في الشرق الأوسط انطلاقًا من كلام البابا الراحل ليبقى لبنان النموذج المرتجى:
1-الدافع لانعقاد المؤتمر هو كلام البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالة وجّهها إلى الكنائس الكاثوليكيّة في لبنان في 7 أيلول 1989، والتي جاء فيها: “لبنان هو أكثر من بلد، إنه رسالة حرّيّة ونموذج تعدّديّة للشرق كما للغرب”. كلام القديس البابا يوحنا بولس الثاني جاء في زمن الحرب في لبنان. وما أراد إظهاره أن لبنان يحمل رسالة تتجاوز حدوده، لا بل لبنان هو نموذج مرتجى. وهذا ما أكده البابا فرنسيس في ختام لقاء الفاتيكان الذي جمع رؤساء الكنائس في لبنان في الأوّل من تموز 2021، قائلًا: “لبنان بلد صغير كبير، وهو أكثر من ذلك: هو رسالة عالميّة، رسالة سلام وأخوّة ترتفع من الشرق الأوسط”. بما أنّ لبنان هو حامل الرسالة والمؤتمن عليها، فعلينا نحن اللبنانيين أن نكون معًا في الالتزام بمضامينها وصونها وإبرازها على الرغم من الأوضاع الصعبة وغير المسبوقة التي يمرّ بها وطننا الحبيب لبنان على كل المستويات.
2-العيش المشترك في لبنان هو معطى قائم، ويتميّز بأنه غير مفروض من أيّ سلطة وغير مفتعل، بل هو نتاج التجربة المعاشة والوجدان، نتاج التاريخ والثقافة والإيمان، قبل وبعد نشوء الدولة منذ مئة عام إلى اليوم، وفي زمن الحرب والسلم.
3-خصوصيّة الحالة اللبنانيّة، ولا سيّما بالمقارنة مع المحيط الإقليمي، تكمن في واقع الحرّيّات والتعدّديّة والانفتاح والحقّ بالاختلاف المكرّس في الدستور اللبناني والاختلاط بين الناس بإرادتهم الحرّة وفي كل المجالات.
4-لولا وجود لبنان، الدولة والمجتمع، بمسيحييه ومسلميه، لما كانت الرسالة ممكنة، ولا سيّما في هذه المنطقة من العالم. أزمات لبنان الراهنة لم تنشأ بسبب فشل العيش المشترك بل بسبب الفشل في إدارة الشأن العام.
5-العيش المشترك أكدته وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السلام العالمي والعيش المشترك التي تمّ توقيعها في أبو ظبي بين البابا فرنسيس والإمام الأكبر أحمد الطيّب، شيخ الأزهر في 4 شباط 2019. هذا الموضوع بات من المواضيع الأساسيّة التي تلقى اهتمام الكرسي الرسولي. وما لقاء الحبر الأعظم مع المرجعيّة الشيعيّة آية الله علي السيستاني بمدينة النجف في العراق سوى استكمال لهذا التوجّه. ومن هذا المنطلق، تبدو تجربة لبنان الرائدة تستمدّ شرعيّتها من الواقع المعاش وليس من الحاجة الملحّة لتدارك مخاطر التطرّف والانعزال.
6-السعي إلى تعزيز مضامين “لبنان الرسالة” ورفعها إلى نموذج في التلاقي والانفتاح والاعتدال، في سياق ما نادى به البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وما أكده البابا فرنسيس في غير مناسبة، وخصوصًا في لقاء رؤساء الكنائس في الأوّل من تموز 2021.
7-المتابعة المرجوّة لمضامين هذا المؤتمر بعمل جاد وهادف من أجل لبنان واللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، وحقّهم بعيش كريم، فيتعزّز العيش بكرامة الإنسان ويصان العيش المشترك في ما بين الناس من أجل الخير العام. لهذا الغرض، سيتمّ التعاون مع الجهات المعنيّة بكل ما يتصل بالعيش المشترك والحوار والانفتاح في لبنان والمحيط الإقليمي والمدى الأوسع.
رزقنا الله شفاعة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني ووفّقنا في تحقيق مشروع الرسالة.
وكانت جامعة الروح القدس-الكسليك قد عقدت مؤتمرًا حول “البابا يوحنا بولس الثاني ولبنان الرسالة”، على مدى يومين في حرمها في الكسليك، بمشاركة رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغير أمين سرّ دولة الفاتيكان للعلاقات مع الدول ونخبة من رجال الدين والآباء والمفكّرين الذين بحثوا في خمسة محاور أساسيّة، وهي: المسار التاريخي، العلاقات المسيحيّة-الإسلاميّة في الحالة اللبنانيّة، العيش المشترك والدولة والمجتمع، التربية والثقافات والحرّيّات، وإعلان أبو ظبي ورسالة لبنان.