أسرة تحرير «قلم غار»
أصدر البابا فرنسيس اليوم رسالة عن تجديد دراسة تاريخ الكنيسة بهدف مساعدة الكهنة على فهم الواقع الاجتماعي بشكل أفضل، مشدّدًا على تعزيز الحسّ التاريخي.
ودعا إلى مواجهة النزعات الاستهلاكيّة الثقافيّة باعتماد الخيارات الديناميكيّة والبحث والمعرفة والمشاركة.
تأمّل الأب الأقدس في رسالته بأهمّية دراسة تاريخ الكنيسة من أجل مساعدة الكهنة على فهم الواقع الاجتماعي بشكل أفضل، متمنّيًا أن تؤخذ هذه المسألة بعين الاعتبار في تنشئة الكهنة الجدد والعاملين الرعويين.
وشدّد على الدعوة إلى تعزيز «الحسّ التاريخي» الحقيقي لطلاب اللاهوت الشباب، مشيرًا إلى المعرفة الدقيقة والمتعمّقة لأهمّ اللحظات في القرون الماضية ونشوء فهم واضح لبُعد الإنسان التاريخي.
واعتبر أنّ دراسة التاريخ وسرده يساعدان في الحفاظ على «شعلة الوعي الجماعي»، موضحًا: «الحسّ التاريخي الصحيح يساعد كل واحد منّا ليكون له شعور بالتناسب والقياس، وقدرة على فهم الواقع كما هو، وبدون أفكار تجريديّة خطيرة وخياليّة… بذلك، نصير قادرين على أن ننسج ونبني علاقة مع الواقع تدعو إلى المسؤوليّة الأخلاقيّة والمشاركة والتضامن».
وأكد أنّ «الكنيسة، مثل الأمّ، يجب أن نحبّها كما هي، وإلّا فإنّنا لا نحبّها حقًّا أو نحبّ فقط خيالًا من خيالنا»، مضيفًا: «تاريخ الكنيسة يساعدنا لنرى الكنيسة الواقعيّة كي نحبّ الكنيسة الموجودة حقًّا، والتي تعلّمت وما زالت تتعلّم من أخطائها وسقطاتها. هذه الكنيسة، التي تعرف نفسها حتّى في لحظاتها المظلمة، تصير قادرة على فهم عيوب العالم وجراحه».
واستنتج: «إنّه تصحيح لذلك النهج الخطير الذي يجعلنا نفهم الواقع انطلاقًا من وجهة نظر متعالية في الوظيفة أو الدور الذي نقوم به».
وتناول البابا أهمّية ارتباطنا بالتاريخ، مؤكدًا حاجتنا إلى تجديد الحسّ التاريخي فينا.
وشرح: «لفهم الواقع، نحتاج إلى وضعه في إطاره “الزمني الشامل”، بينما التوجّه السائد هو الاعتماد على قراءات تختصر الظواهر في اللحظة الآنيّة، كأنّنا أمام حاضر بلا ماضٍ».
ولفت إلى أنّ الحاجة إلى حسّ تاريخي أعمق تبدو ملحّة بشكل خاصّ في وقت يزداد فيه الميل للتخلّي عن الذاكرة أو بناء ذاكرة تلبّي احتياجات الأيديولوجيّات السائدة.
كما تطرّق الأب الأقدس إلى ذاكرة الحقيقة الكاملة، مستشهدًا برواية نسب يسوع في إنجيل القديس متى، حيث أشار إلى تكوُّنه من تاريخ حقيقي إذ تظهر فيه أسماء يمكن وصفها بالمثيرة للمشكلات، مثل الملك داوود، لكن كل شيء ينتهي ويُزهِر في مريم العذراء والمسيح، بحسب قوله.
وأردف: «إذا حدث هذا الأمر في تاريخ الخلاص، فإنّه يحدث كذلك في تاريخ الكنيسة»، مستنتجًا: «الدراسة الصادقة والشجاعة للتاريخ تساعد الكنيسة لتفهم أفضل لعلاقاتها مع الشعوب المختلفة. ويجب أن يساعد هذا الجهد على تفسير أصعب اللحظات وأكثرها غموضًا في تاريخ هذه الشعوب».
وأشار إلى أنّ السعي وراء الحقيقة التاريخيّة ضروري لكي تتمكّن الكنيسة من أن تبدأ مسارات صادقة وفعّالة للمصالحة والسلام الاجتماعي.
ودوّن البابا فرنسيس ملاحظات متعلّقة بدراسة تاريخ الكنيسة، مذكّرًا بأنّ هذا التاريخ «يمكن أن يساعد في استعادة خبرة الاستشهاد من أجل الإيمان، مع العلم والوعي أنّه لا يوجد تاريخ للكنيسة من دون الاستشهاد، وأنّه ينبغي ألا نفقد أبدًا هذه الذاكرة الثمينة».
وخلص الحبر الأعظم إلى القول: «نحن نتكلّم عن دراسة، وليس عن أحاديث عابرة أو قراءات سطحيّة أو “نسخ ولصق” ملخّصات الإنترنت». واعتبر أنّ غاية هذه الدراسة طرح الأسئلة والبحث عن معنى الحياة. وختم: «هذه هي مهمّتكم الكبرى: أن تجيبوا عن النزعات الاستهلاكيّة الثقافيّة التي تشلّ الحركة بخيارات ديناميكيّة وقويّة، وبالبحث والمعرفة والمشاركة».
———————————————————-
لمن يرغب بالاطلاع على النصّ الكامل للرسالة البابويّة، الرجاء الضغط على الرابط الآتي: