أسرة تحرير «قلم غار»
استهل البابا فرنسيس اليوم سلسلة جديدة من المقابلات العامة التي سيُجريها في بعض السبوت، في أثناء سنة اليوبيل، وهي متمحورة حول الرجاء. أكد الأب الأقدس في كلمته أنّ الرجاء فضيلة إلهيّة تساعدنا لنبدأ من جديد مسيرة حياتنا. وتأمّل في دور نبي الرجاء الكبير يوحنا المعمدان، الداعي إلى بداية جديدة بعبور نهر الأردن. وأشار إلى أنّ العظمة الحقيقيّة تكمن في قبول ملكوت الله، أي شريعة الإنجيل، وهي متمثّلة في خدمة الناس ومحبّة بعضنا بعضًا، والاعتراف بصغرنا.
وجاء في كلمة البابا فرنسيس التي ألقاها أمام المؤمنين المحتشدين في قاعة بولس السادس الفاتيكانيّة، تحت عنوان «الرجاء هو أن نبدأ من جديد-يوحنا المعمدان»، ما يأتي:
كثيرون منكم موجودون هنا، في روما، «حجّاجَ رجاء». نبدأ هذا الصباح المقابلات العامّة في خلال اليوبيل في يوم السبت. هدفها الاستقبال والترحيب بجميع الذين أتوا من مختلف أنحاء العالم للبحث عن بداية جديدة. في الواقع، اليوبيل هو بداية جديدة، وفرصة للجميع ليعودوا إلى الله من جديد.
في أيّام السبت هذه، أودّ أن أسلّط الضوء في كل مرّة على بعض جوانب الرجاء. الرجاء هو فضيلة إلهيّة. وكلمة فضيلة virtus في اللغة اللاتينيّة تعني «قوّة» أي هي قوّة تأتي من الله. لذلك، الرجاء ليس عادة أو صفة شخصيّة -قد نمتلكها أو لا نمتلكها-، بل هو قوّة يجب علينا أن نطلبها. لهذا السبب، نحن حجّاج: وأتينا لنطلب عطيّة من الله لكي نبدأ من جديد في مسيرة حياتنا.
سنحتفل قريبًا بعيد عماد يسوع، وهذا يجعلنا نفكّر في نبي الرجاء الكبير، وهو يوحنا المعمدان. قال عنه يسوع كلامًا رائعًا: إنّه أكبر أولاد النساء (راجع لوقا 7: 28). لهذا نفهم لماذا كان أناسٌ كثيرون يتوافدون إليه، راغبين في بداية جديدة. واليوبيل يساعدنا على ذلك. كان المعمدان يبدو كبيرًا حقًّا وصادقًا في شخصيّته. وكما نعبر اليوم الباب المقدّس، هكذا دعا يوحنا الناس إلى أن يعبروا نهر الأردن، ويدخلوا إلى أرض الميعاد، كما حدث مع يشوع في المرّة الأولى. نبدأ من جديد، ونقبل الأرض من جديد، وكأنّها المرّة الأولى.
ويسوع، بعد هذا المديح الكبير، أضاف شيئًا يجعلنا نفكّر: «أَقولُ لَكُم: لَيْسَ في أَوْلادِ النِسَاءِ أَكبَرُ مِن يُوحَنا، وَلكِنَّ الأَصغَرَ في مَلَكوتِ اللهِ أَكبَرُ مِنه» (الآية 28). أيّها الإخوة والأخوات، الرجاء كلّه يكمن في هذه القفزة في النوعيّة. الرجاء لا يعتمد علينا، بل على ملكوت الله. هذه هي المفاجأة: قبولنا لملكوت الله يرفعنا إلى مستوى جديد في العظمة. هذا هو عالمنا، ونحن جميعنا نحتاج إليه!
عندما قال يسوع هذا الكلام، كان يوحنا المعمدان في السجن، تغمره تساؤلات كثيرة. ونحن أيضًا نحمل معنا في حجّنا أسئلة كثيرة، لأنّ أمثال «هيرودس» كثيرون، وما زالوا يعارضون ملكوت الله. لكن يسوع يبيّن لنا طريق التطويبات الجديدة التي هي شريعة الإنجيل المدهشة. لنسأل أنفسنا إذًا: هل في داخلي رغبة حقيقيّة لأن أبدأ من جديد؟ هل أريد أن أتعلّم من يسوع من هو الكبير حقًّا؟ الأصغر في ملكوت الله هو كبير.
لذلك، لنتعلّم من يوحنا المعمدان أن نثق بأنفسنا من جديد. الرجاء من أجل بيتنا المشترك -أرضنا هذه التي تعرّضت للإساءة وجُرِحَت كثيرًا- والرجاء من أجل البشر جميعهم يكمن في الاختلاف الذي هو في الله. عظمة الله مختلفة. ونحن لنبدأ من جديد من هذه العظمة التي في الله، وقد ظهرت في يسوع، والآن تجعلنا نلتزم الخدمة، ومحبّة الأخوّة، وأن نعترف بأنّنا صغار. وأن نرى أصغر الصغار، ونصغي إليهم ونكون صوتًا لهم. هذه هي البداية الجديدة، وهذا هو يوبيلنا.