د. غسان حنا ونيكول طعمة
يشهد لبنان موجات نزوح داخليّة بسبب الاعتداءات الإسرائيليّة على مختلف المحافظات اللبنانيّة. على الرغم من خطة الطوارئ التي وضعتها الحكومة اللبنانيّة قبل تفاقم الحرب وتوسّعها لتشمل الكثير من المناطق والقرى والبلدات إلا أنّ الصدمة بدت كبيرة جراء قساوة الحرب وهول الدمار وخسارة الأرواح من دون وجود أيّ رؤية أو استراتيجيّة حكوميّة لتلقُّف المسار التصاعدي لحدّة الأزمة وما سينتج عنها من تداعيات مأساويّة وغير متوقعة.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على كيفيّة مواجهة الثنائي المتزوّج والعائلات النازحة الأوضاع النفسيّة الضاغطة والعمل على توفير الحلول الناجعة وتطوير الخطط وتكييفها مع الحاجات المستجدّة لكي يتجنّب الأزواج الوقوع في مشكلات جوهريّة تهدّد علاقتهم في مراكز الإيواء.
أمام هذا الواقع المرير، لا بدّ من طرح بعض الأسئلة الملحّة: هل يستطيع الثنائي المتزوّج مواجهة المعضلات وحده أم هو بحاجة إلى دعم خارجي؟ كيف يحافظ على العلاقة الزوجيّة من مشاعر وحبّ وسط الظروف القاهرة؟ إلى أيّ مدى ستسمح مراكز الإيواء للثنائي بالمحافظة على خصوصيّته العاطفيّة والشخصيّة، على الرغم من حالة الاكتظاظ؟ إلى أيّ درجة سيتحمّل الأزواج والعائلات هذه الأوضاع الصعبة إذا ما طالت الحرب؟ هل تسبّب هذه الإشكاليّة خطرًا على علاقة الثنائي المتزوّج، وصولًا إلى التفكّك الأسري؟
تحدّيات الأزواج في مراكز الإيواء
في مراكز الإيواء، يعيش الثنائي المتزوّج في ظروف صعبة ومعقّدة تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليوميّة والعلاقة الزوجيّة. هذا الواقع يفرض تحدّيات عدّة تبدأ من انعدام الخصوصيّة الشخصيّة، مرورًا بضغوط نفسيّة واجتماعيّة معقّدة، وصولًا إلى تأثير هذه الظروف على التواصل بين الزوجين.
أوّلًا، يُعتبر فقدان الخصوصيّة من أكبر التحدّيات التي يواجهها الثنائي المتزوّج في مراكز الإيواء. إنّ عدم توفر مساحة خاصة يحدّ من إمكانيّة التفاعل الشخصي بحرّية، ما يؤدي إلى الشعور بالاختناق وانعدام الأمان العاطفي. هذا الأمر قد ينعكس سلبًا على علاقة الزوجين ويسبّب توترات أو نزاعات داخل المركز.
ثانيًا، يعاني الزوجان من الضغوط النفسيّة الناتجة عن الظروف القاسية والإجهاد المرافق للعيش في مراكز الإيواء. مثل هذه الضغوط قد تؤدي إلى شعور بالإحباط أو القلق المستمر حول المستقبل وتدبير المعيشة، ما يؤثر على التواصل بين الزوجين وقد يسبّب بعدًا عاطفيًّا.
ثالثًا، تتزايد التحدّيات الماليّة في ظل محدوديّة الموارد وعدم توافر فرص العمل، ما يؤدي إلى صراعات متكرّرة حول كيفيّة تدبير الاحتياجات الأساسيّة وإعالة الأسرة. هذا الضغط قد يضعف قدرة الزوجين على التعاون وينتج عنه نزاعات تتعلّق بالأولويّات والمسؤوليّات.
رابعًا، يعيش الأطفال في هذه الظروف أيضًا، ما يجعل من الصعب على الزوجين تربية أطفالهم بشكل مستقر وتوفير بيئة آمنة لهم، بخاصة في ظلّ التعرّض لضغوط ومواقف قاسية داخل مراكز الإيواء.
حلول مطروحة للحفاظ على العلاقة
من أجل مواجهة هذه التحدّيات، إليكم مجموعة من الحلول التي تخفّف معاناة الأزواج وتحسّن أوضاعهم:
- توفير مساحات مخصّصة للأسر للحفاظ على خصوصيّتهم إلى حدٍّ ما.
- تعزيز الدعم النفسي من خلال خدمات الإرشاد والتوجيه.
- تنظيم أنشطة جماعيّة تعزّز التفاعل الإيجابي وتخفّف من التوترات بين الأزواج.
- توفير فرص عمل داخل مراكز الإيواء يمكن أن يكون له دور في تحسين الوضع المادي للأسر، ما يقلّل من الصراعات الماليّة ويعزّز من الشعور بالاستقلاليّة.
- تسهيل الوصول إلى الخدمات الصحّية والتعليميّة يساهم في تقليل الضغوط النفسيّة وتحسين حياة العائلات بشكل عام.
إذا اعتُمِدَت هذه الحلول، يمكن تعزيز الصمود لدى الثنائي المتزوّج داخل مراكز الإيواء وتوفير بيئة أفضل لتحقيق الاستقرار العاطفي والراحة النفسيّة.