أسرة تحرير «قلم غار»
في حدث تاريخي مهيب، دُشّنت اليوم كنيسة معموديّة السيّد المسيح في موقع المغطس بالأردن، في خلال قداسٍ ترأسه أمين سرّ حاضرة الفاتيكان والمبعوث الشخصي للبابا فرنسيس الكاردينال بييترو بارولين، بمشاركة بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا ولفيف من الأساقفة، وبحضور فاعليّات سياسيّة واجتماعيّة وروحيّة وأكثر من 7 آلاف شخص. شدّدت كلمتا بارولين وبيتسابالا على أهمّية هذا الحدث التاريخي والموقع المقدّس في الأردن، وقرب الكنيسة من المؤمنين في الشرق الأوسط.
بارولين وعلامة قرب الكنيسة
في عظته، تناول بارولين أهمّية تدشين كنيسة معموديّة السيّد المسيح اللاتينيّة في مكان عماد يسوع، مؤكدًا أنّ هدف وجوده هناك، بإرادة البابا، علامة ملموسة على قرب الكنيسة بأسرها من الجماعات المسيحيّة في الشرق الأوسط.
وشرح: «لقد تجسّد هذا الحضور بسُبُل عدّة في الأشهر الأخيرة، الأشهر المؤلمة والمليئة بالحرب، ولا سيّما من خلال كلمات البابا فرنسيس. أودّ أن أذكر بشكل خاص الرسالة التي بعثها البابا إلى كاثوليك الشرق الأوسط في 7 تشرين الأوّل 2024، والتي تبرز دعوتكم لأن تكونوا بذرة أمل، صغيرة، محاطة بالظلام، لكنها التي تؤتي ثمارها. أودّ أن أحضّ الجميع على عدم الاستسلام لصعوبات هذه اللحظة، مع الثقة بأنّ الله يدير تاريخ البشر حتى لو حمل هذا التاريخ علامات العنف والخطيئة والموت».
وأضاف: «في لحظة تاريخيّة حيث تؤثّر الاضطرابات الجادّة على هذه المنطقة، من المهمّ أن يسهم المسيحيّون أيضًا في بناء مجتمع عادلٍ وسلمي. أودّ أيضًا أن أوجّه نظري إلى ما وراء نهر الأردن، مطالبًا بوقف النار، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن، وضمان حقوق الإنسان، وانفتاح قلب قادة الأمم للبحث عن السلام والتعايش بين الشعوب. يجب ألا يكون العنف هو الذي يحدّد مستقبلنا!».
وختم بارولين قائلًا: «من هذا المكان، أدنى نقطة على الأرض، من هذه الأرض المباركة حيث نشعر بمعاناة الصراعات واللاإنسانيّة والخطيئة، من هذا المكان الذي انفتحت فيه السماء، نطلب من السماء هبة السلام الحقيقي الذي يولد في القلوب وينتشر في كل نسيج المجتمع. اليوم، نكرّس هذه الكنيسة التي تصبح رسميًّا مكانًا للعبادة. معها نقدّم إلى الله قلوبنا وحياتنا لكي يسود في الشرق الأوسط السلام الذي يريد المسيح أن يمنحه».
بيتسابالا ورسالة كنيسة المعموديّة
من جهته، أكد بيتسابالا في كلمته أنّ كنيسة معموديّة السيّد المسيح من أهمّ المعالم الدينيّة في المنطقة، موضحًا: «هذه الكنيسة هي في المقام الأوّل في خدمة الجماعة كلّها، أي المؤمنين الذين يعيشون في الأراضي المقدّسة. وهي أيضًا مفتوحة الأبواب لجميع الحجّاج الأعزاء الذين ندعوهم إلى زيارة الأردن، ولأولئك الذين زاروه ويريدون العودة إليه من جديد. لذلك، هي بالتالي تقدمة من الكنيسة المحلّية لجميع الأحبّاء والأصدقاء في كل مكان الذين سيأتون للتبرّك بمياه نهر الأردن، ويحجّون إلى هذه الكنيسة».
وقال إنّ هذا اليوم ثمرة انتظار دام سنوات طويلة: «منذ خمسة عشر عامًا، ونحن بانتظار هذا الحدث الجليل الجميل، والذي يُطلّ علينا في هذا العام الذي نحتفل به باليوبيل الفضي لهذا الحجّ، أي مرور 25 عامًا على بدء الحجّ المسيحي إلى موقع المعموديّة-المغطس».
كما توجّه بكلمة شكر إلى جميع المساهمين في بناء الكنيسة الجديدة. وختم بالدعوة إلى رفع الصلاة من أجل الأردن والملك وجميع المؤمنين لتظلّ البلاد جزءًا لا يتجزأ من الأراضي المقدّسة، ومن أجل المتألمين في بلادهم، بخاصة في فلسطين ولبنان وسوريا، وفي كل مناطق العالم المحتاجة إلى السلام.
تجدر الإشارة إلى أنّ حجر أساس كنيسة معموديّة السيّد المسيح وُضِعَ في 10 أيّار 2009 بحضور البابا بنديكتوس السادس عشر والملك عبد الله الثاني. وفي العام 2014، زار البابا فرنسيس الموقع في مراحله الأولى حيث رفع الصلاة. كما أُدرج هذا الموقع في لائحة التراث العالمي عام 2023.