غيتا مارون
اختار التبشير في منسكه الإعلامي؛ فائق الذكاء، مثقّف، متقشّف، متجرّد إلى أقصى حدّ، عابد لله على طريقته.
زاهدٌ منذ سنين، معتكف عن الطعام، لا يتناول إلا القليل من الماء والخبز، ولا يبدّل ما يرتديه (لباس من الخيش أو القماش الرثّ الممزّق).
له أفكاره الخاصة. من أقواله: «الله مجنون لأنّه أحبّ الإنسان بجنون وأعطى ذاته حتى الموت».
كانت تيلي لوميار وفضائيّتها نورسات وقنواتها المتفرّعة عنها حلمه الكبير…
إنّه الأخ نور، مؤسِّس الإعلام المرئي المسيحي في لبنان؛ بدأ من الصفر، من غرفة واحدة صغيرة، مع مراسل وكاميرا واحدة لكن أحلامه تخطّت أرض الوطن…
أبصر حلمه النور في العام 1991، ووصلت الرسالة المسيحيّة إلى العالم بأسره، كما شاء الأخ نور، إلى أقاصي الأرض.
علّم الأخ نور فريقه جمال العطاء اللامتناهي في حقل الربّ، وزرع في كثيرين بذور حبّ تبرعمت منابر إعلاميّة جديدة أسّسها كثيرون منهم، فانطلقت قلوب تتلمذت في مدرسة النور الأرضيّة لتعانق النور الإلهي وتنثره حولها أينما حلّت.
ربما لم تلتقِ وجهات نظر البعض معه، وربما رأى آخرون أيضًا ضرورة مغادرة مدرسة النور لأسباب ملحّة، لكن أيديهم العابقة ببتلات ورود نورانيّة ستكون زوّادتهم في صحراء الحياة، وسيعود ضوع رحيق أعمالهم ليعطّر إنجازاتهم لأنّهم أحبّوا بصمت وقدّموا ثمارهم للربّ من دون حساب.
نعم، الأخ نور هو ملهم كثيرين في العمل الإعلامي لأنّه علّمنا التجرّد من الأنا وبذل الذات من أجل الرسالة، فزرعنا بفرح قمحنا في حقل الربّ لنحصد سنابل من نور المحبّة.
شكرًا لكَ أخي نور لأنّك ساعدتنا لنكتشف إرادة الله في حياتنا، ودرّبتنا مؤسّستك لننطلق في رحلة ريادتنا الإعلاميّة.
جميعنا نثق بأنّ الله لن يخذلنا، كما فعلت أفاعٍ التفّت على أقدامنا لكن قدرة القدوس جعلتها تبتلع سمّها.
أخي نور، لكَ منّي ألف تحيّة وفاء معطّرة بالمحبّة النقيّة لأنّها تطهّرت بالحبّ.
أنا متأكدة من أنّك ستترك بصمة كبيرة في تاريخ المسيحيين في لبنان والعالم، وستتناولك الأقلام وتذكرك الأجيال المقبلة.