آمال شعيا
ننطلق في زمن الصوم المبارك مع أولى آيات الربّ يسوع، وهي: “عرس قانا الجليل” (يو 2: 1-11) التي تضعنا أمام مرآة الذات، نبحث من خلالها عن حقيقتنا الضائعة وسط عبث هذا الوجود… فنسأل: هل نحن قادرون حقًّا على التجرّد من تسلّط “الأنا”، والعمل في سبيل لقاء عريسنا الحقيقيّ؟ وهل نحن مستعدوّن لأن نسمع كلمة أمّنا العذراء، وهي تدعونا لأن ننفّذ ما يأمرنا به المسيح، كي تتحقّق أعجوبة الحبّ في حياتنا؟ وهل نحن جاهزون بثقة، كي نصغي بقلبنا وروحنا إلى كلمة يسوع، كي يموت فينا كلّ نقص، ويتحوّل عندئذٍ ماء حياتنا إلى خمر حبّ المسيح اللامتناهي؟
آهٍ… كم مرّة قلنا: لتكن مشيئتك يا ربّ؟! وكم مرّة أصغينا إلى رغباتنا، ولم نفعل بما تأمرنا به؟! لنكتشف بعدها أنّ الحقيقة تصرخ فينا، وهي أنّنا مهما حصدنا من غنىً أرضيّ، علم ومال وشهرة، نبقى في قلب العاصفة أي في ذروة عطشنا الروحيّ، إذا لم ننطلق كي نتذوّق طعم خمر حبّ عريسنا الأبديّ، لنعانق سلام الروح، ويكتمل فرحنا المنتظر، فنؤكّد مع الخدم والتلاميذ في عرس قانا الجليل، أهميّة الإصغاء والعمل بالكلمة من أجل بلوغ الأكمل.
نسألك يا عريسنا الممجّد، مع بداية هذا الزمن المقدّس، أن تنير بصيرتنا كي لا نهلّل لملوك الأرض، بل نتعلّم كيف نروي أرواحنا من دمك المقدّس، فنبلغ عن حقّ فرح العرس الحقيقيّ، المدعوّين إليه. نمضي ونشهد على سرّك العظيم، في كلّ مرّة، ونحن نحتفل في بيت قدسك، ونرنّم: “طوبى للمدعوّين إلى وليمة الحمل!”، فنحصد المحبّة اللامتناهيّة، ونتناول جسدك الطاهر ودمك المقدّس…
نشكرك يا إلهنا، أنت يا من تجسّدت لأجلنا، أخذت ما لنا وأعطيتنا ما لك، كي يكون لنا كلّ شيء، ونستحقّ أن نشاركك نورانيّة العرس المعدّ لنا في ملكوتك… لك المجد والتسبيح إلى أبد الآبدين. آمين…