غيتا مارون
شابة متوقّدة بالحياة قرّرت أن تترك خلفها أضواء الشهرة لتسلك دربًا مختلفًا مفعمًا بالإيمان والخدمة والتضحية.
نشأت في بيئة مضطربة، ولم يكن الدين جزءًا أساسيًّا من حياتها…
في لحظة فاصلة، شعرت بنداءٍ عميق لتهب ذاتها بكلّيتها للربّ، وأحسّت بدعوة لا تُقاوَم نحو الحياة الرهبانيّة.
هذا النداء غيّر مسارها تمامًا. أصبحت مصدر إلهام للشبيبة أينما حلّت، وكرّست عمرها لنقل الفرح والإيمان إلى الآخرين، متنقّلةً من بلد إلى آخر لخدمة المجتمع، حتى سلكت الطريق الصعب الذي حملها في النهاية إلى أرض بعيدة حيث قدّمت حياتها في سبيل رسالتها.
إنّها الأخت كلير كروكيت التي أصبحت سيرتها نموذجًا للتغيير الجذري الناثر بركات الإيمان في العالم.
مسيرة نابضة بالتحوّلات
من التمثيل إلى التكرّس الكلّي لله مسيرة نابضة بالتحوّلات عاشتها الأخت كلير كروكيت الأيرلنديّة الأصل.
تشهد بداية عام 2025 الافتتاح الرسمي لدعوى قداستها. قصّة الأخت كلير بدأت بمسار غير ملتزم بالدين، وتبدّلت في خلال رياضة روحيّة أُقيمت في أسبوع الآلام في إسبانيا عام 2000 إذ اختبرت اهتداءً مؤثرًا واستجابت لدعوة رهبانيّة لم تستطع تجاهلها.
«لم تكن هناك أجواق من الملائكة، لكنّني علمتُ أنّ الربّ كان على الصليب من أجلي. هذه القناعة أصبحت دعوة»، بهذه الكلمات عبّرت الأخت كلير عن تجربة التحوّل يوم الجمعة العظيمة من العام 2000. من ثم، التحقت بالأخوات الخادمات في «دير الأمّ» لتنطلق في مسيرة ملهمة جذبت الآلاف حول العالم.
«خادمة الله» قريبًا
أبصرت كلير النور في العام 1982، ونشأت وسط تحدّيات اجتماعيّة في مدينة ديري بأيرلندا الشماليّة. كانت شابة طموحة تسعى إلى النجاح في عالم التمثيل، لكن مسارها تحوّل من خشبة المسرح إلى العمل الرسولي في العالم.
بعد نذورها الأولى سنة 2006، خدمت في دول عدّة، منها إسبانيا. تميّزت بحيويّتها وفرحها، فباتت مثالًا للشبيبة ومصدرًا للأمل. ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث واصلت عملها الرعوي في فلوريدا. كانت بمثابة إشعاع للأمل واللطف. كما خدمت الشبيبة والمجتمع في الإكوادور حيث انتهت حياتها في زلزال عام 2016.
تجاوزت قصّة الأخت كلير الحدود، وأثّرت كثيرًا في الشبيبة الكاثوليكيّة التي اعتبرتها نموذجًا استثنائيًّا للتحوّل الروحي. ألهمت رهبانيّتها، فأنتجت وثائقيًّا بعنوان «كل شيء أو لا شيء» الذي حصد ملايين المشاهدات. كذلك تناول كتاب «الأخت كلير كروكيت: وحدها مع المسيح وحده» (نُشِرَ عام 2020) مسيرتها الروحيّة من خلال الإضاءة على رسائلها وشهادات معارفها.
مع افتتاح دعوى قداستها في مدريد، تُعْلَنُ الأخت كلير «خادمة الله».
بالنسبة إلى عائلتها وأصدقائها، يُعَدُّ افتتاح دعوى القداسة تتويجًا لمسيرتها في الحياة وحلمًا يبصر النور.
منارة أمل ولطف
في سياق متصل، أفاد الأب جيرارد مونجان، كاهن من أبرشيّة الأخت كلير في ديري، بأنّ دعوى القداسة ستُفتتح رسميًّا في 12 كانون الثاني 2025 في مدريد، مؤكدًا أنّ أهالي مسقط رأسها ينتظرون بفرح إعلانها «خادمة الله». وقال إنّها أعادت كثيرين إلى إيمانهم، معتبرًا إيّاها «منارة أمل للعالم».
كذلك، كان الأب فريدريك بارك، كاهن خدم مع الأخت كلير في فلوريدا وتوفّي عام 2021، قد وصفها أيضًا بـ«منارة أمل ولطف»، مشدّدًا على حبّها للقربان الأقدس الذي جذب الشبيبة إلى يسوع.
اليوم، مع اقتراب إعلان الأخت كلير «خادمة لله»، يُفتح فصلٌ جديد في قصّتها، حكاية الإيمان المتجذّر والفرح العميق المتجسّد في حياتها. إرثها النابض بالرحمة والعطاء يفيض في قلوب معاصريها، وذكراها سترافق أجيالًا تترقّب قداستها.